كتاب الطهارة
  لجملتهما، فمن لم يتيقن غسل عضو واجب - سواء كان وجوبه قطعيا أو ظنيا - لزمه التطهر إذا كان وقت الصلاة التي تطهر لها باقيا، وسواء كان قد صلاها أم لا، وسواء كان حدثه قطعيا أم ظنيا، وسواء حصل ظن بالتطهر أم لا، وإلى هذا أشار المؤلف - أيده الله تعالى - بقوله: "في الوقت مطلقا".
  واختار - أيده الله تعالى - عدم الفرق بين ما وجوبه قطعي وما وجوبه ظني؛ لأن الظني في حق مَنْ مذهبه وجوبه بمنزلة القطعي، وظاهر كلام أهل المذهب الفرق بينهما، وأن الظن كاف في فعل الظني، ولذلك(١) قال في الأزهار: "فمن لم يتيقن غسل قطعي أعاد في الوقت مطلقا"(٢) ولم يذكر المؤلف - أيده الله تعالى - ذلك؛ لعدم الفرق عنده. هكذا نقل عنه، والله أعلم.
  وقوله أيده الله تعالى: (وقد فصل فيما بعده) أي بعد الوقت، أراد بذلك قوله في الأزهار: "وبعده إن ظن تركه، وهكذا إن ظن فعله أو شك، إلا للأيام الماضية".
  وحاصله: أن من لم يتيقن غسل عضو قطعي في الوضوء أو الغسل: فإن ظن أنه لم يغسله وجب عليه غسله وما بعده و [يعيد](٣) الصلاة التي صلاها به، وإن كان قد خرج وقتها ولو مضت أيام أو(٤) أعوام، وكذا حيث ظن أنه غسله أو شك في ذلك، إلا للأيام الماضية؛ لما يلزم من الحرج الشديد لو قلنا بلزوم ذلك في الأيام الماضية؛ إذ يلزم من ذلك أنه يجب عليه أن لا يزال مستحضرا للعلم بتفاصيل كل وضوء قد(٥) مضى وقته وإن بعد، وهذا متعذر قطعا، فلا يزال يعيد، بخلاف اليوم الحاضر، فالحرج في الإعادة فيه خفيف فجاز التعبد به. هكذا في الغيث. قال: وإنما يعيد صلاة يومه ذلك أداء أو قضاء. قيل: وصلاة ليلته؛ لأن الليلة تتبع اليوم للعرف والعكس.
  قال في الأزهار: "فأما الظني ففي الوقت إن ظن تركه ولمستقبلة ليس فيها إن شك" أي من لم يتيقن غسل عضو ظني فلا يجب عليه إعادة غسله إلا حيث كان وقت الصلاة التي فعله لأجلها باقيا فيعيده وما بعده والصلاة إن ظن تركه، لا بعد خروج وقت تلك
(١) في (ج): وكذلك.
(٢) ينظر: الانتصار ١/ ٧٩٩، والبحر الزخار ١/ ٨٢، وشرح الأزهار ١/ ١٠٢، ١٣٠.
(٣) ما بين المعقوفتين من (ب، ج).
(٤) في (ب، ج): أيام وأعوام.
(٥) في (الأصل): كل وضوء وقد، وفي (ب): كل عضو قد.