كتاب الطهارة
  لقلة الثياب، ثم أمر بالغسل ونهى عن ذلك، وتأول ابن عباس حديث: «إنما الماء من الماء» فقال: إنما الماء من الماء في الاحتلام. رواه أبو داود والترمذي(١). وعن أبي حنيفة أن الإيلاج في الدبر من دون إنزال، وفي فرج البهيمة لا يوجب الغسل(٢)، وإنما ذلك خاص بقبل الآدمية. قلنا: وغيره مقيس عليه.
  وعن المؤيد بالله: أن الإيلاج في فرج الميت لا يوجب الغسل كما لا يوجب الحد؛ ولأنه لا يحصل به لذة؛ فأشبه الإيلاج في جماد(٣)، لنا عموم الدليل، وأن الحد يدرأ بالشبهة، فلا يقاس عليه الغسل.
  ولا يجب على الميت إذا جومع اتفاقا؛ إذ الغسل إنما يجب للصلاة(٤).
  وجماع الخنثى المشكل بأحد قبليه لا يوجب الغسل، وبهما كليهما يوجب. ولا غسل على المرأة إذا أولج الخنثى في قبلها(٥).
  ومن له ذكران إن عملا كلاهما تعلق وجوب الغسل بتواري حشفة كل واحد منهما، وإلا فبالعامل.
  تنبيه: أما ما يروى عن مالك، وعن الهادي من إطلاق القول بأن التقاء الختانين موجب للغسل(٦) فليس بقول مستقل، وإنما هو بمعنى القول الأول المصحح للمذهب(٧)؛ لما تقدم بيانه من أنه لا يلتقى الختانان إلا إذا(٨) توارت الحشفة،
(١) أبو داود في سننه، كتاب الطهارة - باب في الإكسال ص ٥٢ رقم (٢١٣)، والترمذي في سننه، كتاب الطهارة - باب ما جاء أن الماء من الماء ١/ ١٨٦ رقم (١١٢) قال أبو عيسى: سمعت الجارود يقول: سمعت وكيعا يقول: لم نجد هذا الحديث إلا عند شريك.
(٢) ينظر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق ١/ ١٣٣ حيث قال فيه: وَقَيَّدْنَا بِكَوْنِهِ فِي قُبُلِ امْرَأَةٍ؛ لأَنَّ التَّوَارِي فِي فَرْجِ الْبَهِيمَةِ لا يُوجِبُ الْغُسْلَ إلاَّ بِالإِنْزَالِ. وَقَيَّدْنَا بِكَوْنِهَا يُجَامَعُ مِثْلُهَا؛ لأَنَّ التَّوَارِي فِي الْمَيِّتَةِ وَالصَّغِيرَةِ لا يُوجِبُ الْغُسْلَ إلاَّ بِالإِنْزَالِ.
(٣) الانتصار ٢/ ٣٢، وشرح الأزهار ١/ ١٠٦.
(٤) الانتصار ٢/ ٣٢، والبحر الزخار ١/ ١٠١، والمجموع ٢/ ١٥٣.
(٥) البحر الرائق شرح كنز الدقائق ١/ ١٣٥: حيث قال فيه: وإن أولج الخنثى المشكل ذكره في فرج امرأة أو دبرها فلا غسل عليهما؛ لجواز أن يكون امرأة، وهذا الذكر منه زائد، فيصير كمن أولج إصبعه، وكذا في دبر رجل أو فرج خنثى؛ لجواز أن يكونا رجلين والفرجان زائدان منهما، وكذا في فرج خنثى مثله؛ لجواز أن يكون الخنثى المولج فيه رجلا والفرج زائد منه، وإن أولج رجل في فرج خنثى مشكل لم يجب الغسل عليه لجواز أن يكون الخنثى رجلا والفرج منه بمنزلة الجرح، وهذا كله إذا كان من غير إنزال، أما إذا أنزل وجب الغسل بالإنزال.
(٦) الأحكام في الحلال والحرام ١/ ٥٨، والبحر الزخار ١/ ١٠٠، والمدونة ١/ ١٣٥.
(٧) أي تواري الحشفة.
(٨) في (ب، ج): إلا وقد توارت.