تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

كتاب الطهارة

صفحة 471 - الجزء 1

  وفي مجموع زيد بن علي والشفاء عن علي كرم الله وجهه أنه قال: "إذا التقى الختانان وتوارت الحشفة فقد وجب الغسل"⁣(⁣١). زاد في المجموع: وقال: كيف يجب الحد ولا يجب الغسل؟ وهذا القول هو المصحح⁣(⁣٢) للمذهب، وهو قول أبي حنيفة والشافعي⁣(⁣٣).

  القول الثاني: للظاهرية وجماعة من الصحابة وغيرهم⁣(⁣٤): أن مجرد الإيلاج من دون إمناء لا يوجب الغسل⁣(⁣٥)؛ لقوله ÷: «إنما الماء من الماء»⁣(⁣٦) وقد تقدم، ولما ثبت في الصحيحين أن رسول الله ÷ أرسل إلى رجل من الأنصار، فجاء ورأسه يقطر، فقال رسول الله ÷: «لعلنا أعجلناك» فقال: نعم يا رسول الله، قال: «إذا أعجلت أو أقحطت فلا غسل عليك، وعليك الوضوء»⁣(⁣٧)، ومعنى أقحطت: لم تنزل، من قولهم: أقحط العام، إذا لم يكن فيه مطر⁣(⁣٨).

  قلنا: روى أبي بن كعب⁣(⁣٩) نسخ ذلك، حيث قال: إنما كان الماء من الماء رخصة في أول الإسلام، ثم نهي عنها. هذه رواية الترمذي⁣(⁣١٠). وفي رواية أبي داود عنه أن رسول الله ÷ إنما جعل ذلك رخصة للناس في أول الإسلام؛


(١) مجموع الإمام زيد ص ٦٤، وشفاء الأوام ١/ ٩٠.

(٢) في (ب، ج): هو الصحيح.

(٣) ينظر: مجموع الإمام زيد ص ٦٤، والانتصار ١/ ٢٩، والتحرير ١/ ٥١، والبحر الزخار ١/ ١٠٠، والمهذب ١/ ١١٦، ومختصر الطحاوي ص ١٩، والهداية ١/ ٢٠.

(٤) وهم أبو سعيد الخدري، وزيد بن ثابت، وسعد بن أبي وقاص، ومعاذ بن جبل، ورافع بن خديج، ثم عمر بن عبد العزيز. ينظر: البحر الزخار ١/ ٩٩، ١٠٠.

(٥) ينظر: المحلى بالآثار ١/ ٣١، والبحر الزخار ١/ ٩٩، ١٠٠، ومصنف ابن أبي شيبة ١/ ٨٦، ٨٧، والمغني ١/ ٢٠٣.

(٦) سبق تخريجه ص ٦١٦.

(٧) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الطهارة - باب إنما الماء من الماء ص ١٨٧ رقم (٣٤٥)، وابن ماجة في سننه، كتاب أبواب التيمم - باب الماء من الماء ص ٩١ رقم (٦٠٦)، وأحمد في مسنده ٣/ ٢١ رقم (١١١٧٨)، والبيهقي في سننه، كتاب الطهارة - باب وجوب الغسل بالتقاء الختانين ١/ ١٦٥ رقم (٧٤٩)، وابن أبي شيبة في المصنف ١/ ٨٧ رقم (٩٦١).

(٨) ينظر النهاية في غريب الحديث والأثر ٤/ ١٧، باب القاف مع الحاء.

(٩) سبقت ترجمته ص ١٦٣.

(١٠) الترمذي ١/ ١٨٣ رقم (١١٠)، كتاب الطهارة - باب في ما جاء في أن الماء من الماء، وقال: حديث حسن صحيح، وأبو داود ١/ ١٤٧ رقم (٢١٥)، كتاب الطهارة - باب في الإكسال، وابن ماجة ١/ ٢٠٠ رقم (٦٠٩)، كتاب الطهارة وسننها - باب ما جاء في وجوب الغسل إذا التقى الختانان، وأحمد ٨/ ١٠ رقم (٢١١٥٨ - ٢١١٦٣).