كتاب الطهارة
  وفي مجموع زيد بن علي والشفاء عن علي كرم الله وجهه أنه قال: "إذا التقى الختانان وتوارت الحشفة فقد وجب الغسل"(١). زاد في المجموع: وقال: كيف يجب الحد ولا يجب الغسل؟ وهذا القول هو المصحح(٢) للمذهب، وهو قول أبي حنيفة والشافعي(٣).
  القول الثاني: للظاهرية وجماعة من الصحابة وغيرهم(٤): أن مجرد الإيلاج من دون إمناء لا يوجب الغسل(٥)؛ لقوله ÷: «إنما الماء من الماء»(٦) وقد تقدم، ولما ثبت في الصحيحين أن رسول الله ÷ أرسل إلى رجل من الأنصار، فجاء ورأسه يقطر، فقال رسول الله ÷: «لعلنا أعجلناك» فقال: نعم يا رسول الله، قال: «إذا أعجلت أو أقحطت فلا غسل عليك، وعليك الوضوء»(٧)، ومعنى أقحطت: لم تنزل، من قولهم: أقحط العام، إذا لم يكن فيه مطر(٨).
  قلنا: روى أبي بن كعب(٩) نسخ ذلك، حيث قال: إنما كان الماء من الماء رخصة في أول الإسلام، ثم نهي عنها. هذه رواية الترمذي(١٠). وفي رواية أبي داود عنه أن رسول الله ÷ إنما جعل ذلك رخصة للناس في أول الإسلام؛
(١) مجموع الإمام زيد ص ٦٤، وشفاء الأوام ١/ ٩٠.
(٢) في (ب، ج): هو الصحيح.
(٣) ينظر: مجموع الإمام زيد ص ٦٤، والانتصار ١/ ٢٩، والتحرير ١/ ٥١، والبحر الزخار ١/ ١٠٠، والمهذب ١/ ١١٦، ومختصر الطحاوي ص ١٩، والهداية ١/ ٢٠.
(٤) وهم أبو سعيد الخدري، وزيد بن ثابت، وسعد بن أبي وقاص، ومعاذ بن جبل، ورافع بن خديج، ثم عمر بن عبد العزيز. ينظر: البحر الزخار ١/ ٩٩، ١٠٠.
(٥) ينظر: المحلى بالآثار ١/ ٣١، والبحر الزخار ١/ ٩٩، ١٠٠، ومصنف ابن أبي شيبة ١/ ٨٦، ٨٧، والمغني ١/ ٢٠٣.
(٦) سبق تخريجه ص ٦١٦.
(٧) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الطهارة - باب إنما الماء من الماء ص ١٨٧ رقم (٣٤٥)، وابن ماجة في سننه، كتاب أبواب التيمم - باب الماء من الماء ص ٩١ رقم (٦٠٦)، وأحمد في مسنده ٣/ ٢١ رقم (١١١٧٨)، والبيهقي في سننه، كتاب الطهارة - باب وجوب الغسل بالتقاء الختانين ١/ ١٦٥ رقم (٧٤٩)، وابن أبي شيبة في المصنف ١/ ٨٧ رقم (٩٦١).
(٨) ينظر النهاية في غريب الحديث والأثر ٤/ ١٧، باب القاف مع الحاء.
(٩) سبقت ترجمته ص ١٦٣.
(١٠) الترمذي ١/ ١٨٣ رقم (١١٠)، كتاب الطهارة - باب في ما جاء في أن الماء من الماء، وقال: حديث حسن صحيح، وأبو داود ١/ ١٤٧ رقم (٢١٥)، كتاب الطهارة - باب في الإكسال، وابن ماجة ١/ ٢٠٠ رقم (٦٠٩)، كتاب الطهارة وسننها - باب ما جاء في وجوب الغسل إذا التقى الختانان، وأحمد ٨/ ١٠ رقم (٢١١٥٨ - ٢١١٦٣).