تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

باب الغسل

صفحة 488 - الجزء 1

  قوله أيده الله تعالى: (أو مترتب جواز) يعني أو [ينوي]⁣(⁣١) عند ابتداء الغسل فعل ما يترتب جوازه على رفع الحدث الأكبر، وذلك كالصلاة، والتلاوة، ودخول المسجد، والوطء في حق الحائض والنفساء، فإذا نوى الجنب فعل الغسل لاستباحة أي هذه الأمور صحت نيته؛ لأنه إذا نوى بغسله استباحة الصلاة مثلا فكأنه نوى رفع ما يمنع من الصلاة، والمانع منها هو الحدث الأكبر.

  [قوله أيده الله]⁣(⁣٢): (ويكفي لواجبات نية أحدها) فمن اجتمع عليها جنابة ونفاس وحيض فنوت الغسل لأحدها أو لما يترتب عليه ارتفعت جميعها؛ لتماثلها في إيجاب الغسل، فما رفع أحدها رفع الآخر؛ لأن الحدث لا يتبعض، فإذا نوت الحائض الجنب بغسلها استباحة الوطء ارتفعت الجنابة أيضا، ونحو ذلك.

  فأما لو نوت الحائض بغلسها رفع الجنابة ولا جنابة عليها أو نوت الجنب بغسلها رفع الحيض وليست بحائض، فروي عن الأمير الحسين أن هذه النية تصح⁣(⁣٣)، واستضعفه في الغيث؛ لأن الجنابة والحيض أمران متميزان ليس أحدهما هو الآخر، وإن كان كل واحد يرتفع [منهما]⁣(⁣٤) تبعا للآخر.

  فإذا نوت الحائض رفع الجنابة ولا جنابة عليها لم يرتفع الحيض؛ لأن الجنابة غير الحيض، وكذا العكس.

  قلت: وحاصله أن كل واحد منهما إنما يرتفع إذا نويَ، أو ارتفع الآخر فتبعه؛ لأن الحدث لا يتبعض كما تقدم، ولا وجه لارتفاعه فيما عدا ذلك، والله أعلم.

  وعن داود الظاهري أنه يجب لكل حدث [غسلة]⁣(⁣٥)، وقيل: إنما يكفي الغسل للأحداث إذا نواها جميعا، فإن نوى أحدها فقط أو ما يترتب عليه وحده لم يرتفع ما عداه.

  وأسقط المؤلف أيده الله تعالى قوله في الأزهار: "عكس النفلين والفرض والنفل"؛ لأن قوله: "ويكفي لواجبات نية [أحدها]⁣(⁣٦) " مفهومه أن غير الواجبات لا يكفي


(١) في (ج): نوى.

(٢) ساقط من (ج).

(٣) والمذهب خلاف ذلك في الصورتين. ينظر: شرح الأزهار ١/ ١١٥.

(٤) ما بين المعقوفتين زيادة من (ج).

(٥) في (ج): غسل.

ينظر: المحلى بالآثار ١/ ٢٨٩، وحلية العلماء ١/ ٢٢٥.

(٦) في (ج): أحدهما.