باب الغسل
  وفي رواية: «الغسل يوم الجمعة واجب على كل مسلم»(١) أخرجه الستة إلا الترمذي واللفظ للبخاري، ففيه تصريح بأن الغسل لليوم، ولا تعرض فيه لكونه(٢) للصلاة.
  وأما حكمه: فالمذهب أنه مسنون(٣)، وهو قول الفريقين(٤).
  وعن داود، وبعض أصحاب الحديث، ورواية عن مالك: أنه واجب(٥)؛ للحديث المتقدم ونحوه.
  قلنا: قد يعبر عن المسنون ونحوه بالواجب، وألحق تأكيدا وترغيبا.
  ويؤيد ذلك ما رواه سمرة بن جندب أن رسول الله ÷ قال: «من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل». أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي(٦).
  ومعنى قوله: "فبها ونعمت" فبالسنة(٧) أخذ ونعمت الخصلة.
  وما رواه أبو هريرة أن عمر بن الخطاب بينا هو يخطب يوم الجمعة إذ دخل عثمان بن عفان فناداه عمرُ أية ساعة هذه؟ قال: إني شغلت اليوم فلم أنقلب إلى أهلي حتى سمعت التأذين، فلم أزد على أن توضأت، فقال عمر: والوضوء أيضا؟!(٨) وقد علمت أن رسول الله ÷
(١) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الجمعة - باب الطيب والسواك يوم الجمعة ص ٣٦٥ رقم (٨٤٩)، والنسائي في سننه، كتاب الجمعة - باب إيجاب الغسل يوم الجمعة ص ٢٤١ رقم (١٣٧٦).
(٢) في (ب): ولا تعرض فيه ذكر كونه. وفي (ج): ولا تعرض فيه لذكر كونه.
(٣) ينظر: الانتصار ٢/ ١٠٥، والبحر الزخار ١/ ١٠٩.
(٤) أي الحنفية والشافعية. ينظر: الهداية ١/ ٢٠، والمجموع ٢/ ٢٣٢.
(٥) وكما هو قول الحسن البصري. ينظر: البحر الزخار ١/ ١١٠، والانتصار ٢/ ١٠٦، ومصنف ابن أبي شيبة ١/ ٤٣٣ - ٤٣٦، والمحلى بالآثار ١/ ٢٥٥، وقد ذكر ابن عبد البر في الكافي ١/ ١١٥ أن الغسل للجمعة سنة، وليس بواجب؛ لدلائل قد بينها في كتابه التمهيد.
(٦) أخرجه الترمذي في سننه، كتاب أبواب الجمعة - باب في الوضوء يوم الجمعة ص ١٢٥ رقم (٤٩٧) قال فيه: حسن، وأخرجه أبو داود في سننه، كتاب الطهارة - باب الرخصة في ترك الغسل يوم الجمعة ص ٨٧ رقم (٣٥٠)، والنسائي في سننه، كتاب الجمعة - باب الرخصة في ترك الغسل يوم الجمعة ص ٢٤١ رقم (١٣٧٩)، وابن ماجة في سننه، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها - باب ما جاء في الرخصة في ذلك ص ١٦٠ قم (١٠٩١).
(٧) في (ب، ج): أي فبالسنة.
(٨) قلت وقد احتج بهذا الحديث من ذهب إلى الوجوب، وقالوا: فيه انكار ثاني مضاف إلى الأول والمعنى ما اكتفيت بتأخير الوقف وتفويت الفضيلة حتى تركت الغسل واقتصرت على الوضوء. قلت: ما ذكره المؤلف من وجه الاستدلال أرجح ..