باب التيمم
  المختار أنه إن كان يسيرا كآثار الجرب ونحوه لم يجزه التيمم، وإن كان فاحشا كأن يسود وجهه أو بعضه جاز؛ لأن الغم به أكثر من زيادة العلة. حكى ذلك في الغيث.
  قوله أيده الله تعالى: (ومنه خوف إضرار بواجب حفظ ومجحف(١)) أي ومن العذر أن يخاف ضررا من العطش إن استعمل الماء، وسواء كان خوف الضرر على نفسه أو على غيره مما هو محترم الدم كالمسلم والذمي وما لا يؤكل لحمه من البهائم المحترمة.
  وقد عبر المؤلف أيده الله عن جميع ذلك بقوله: "بواجب حفظ" والظاهر أن المعتبر في الضرر هنا(٢) هو ما تقدم اعتباره من حدوث علة أو زيادتها أو استمرارها.
  ومفهوم كلام أبي العباس(٣)، وعلي خليل أن مجرد التألم بالعطش يجيز التيمم، وكذلك إذا كان يخشى من العطش على حيوان غير محترم [الدم](٤)، ولكنه يجحف تلفه بحال صاحبه، نحو أن يكون بعيرًا يخشى عليه التلف من العطش، وتلفه يجحف به.
  فأما(٥) لو خشي عليه الضرر فقط فالظاهر أن حكمه حكم التلف؛ لأنه وإن لم يؤد إلى التلف فهو يؤدي إلى إيلام الحيوان الذي لم يبحه الشرع، فيلحق بالمحترم، فيجب إيثاره بالماء والعدول إلى التيمم.
  فأما إذا لم يكن تلفه مجحفًا به فالأقرب(٦) أنه إن كان ينتفع به هو أو غيره من المستحقين إذا ذبحه وجب عليه أن يذبحه ويتوضأ بالماء، وإن كان لا ينتفع به أحد قط ممن ذكر وجب إيثاره بالماء ولم يجز ذبحه؛ لأن الشرع إنما شرع(٧) ذبحه للانتفاع بلحمه، ولم يسوغ ذبحه لغير ذلك.
= ذلك يجوز؛ لأن قبح المنظر في الخلقة وتشويه الوجه ربما كان ضرره أكثر من ضرر بعض الآلام، وزيادتها واستمرارها. انظر: الأم ١/ ١٦٩، ١٧٦، وحلية العلماء ١/ ٢٥٧، والمهذب ١/ ١٣٤، والمجموع ٢/ ٣٣١، والعزيز شرح الوجيز ١/ ٢١٩، والحاوي ١/ ٢٣٨.
(١) في (ب): أو مجحف.
(٢) في (ب، ج): الضرر هاهنا.
(٣) قال السيد أبو طالب: كان أبو العباس يقول: إذا خشي التلف وجب عليه التيمم، وإن خشي الضرر بالعطش والتألم جاز له التيمم، والوضوء أفضل. الانتصار ٢/ ١٤٦.
(٤) ما بين المعقوفتين من (ب).
(٥) في (ب): ما لو خشي.
(٦) هو قول الإمام المهدي أحمد بن يحيى المرتضى. شرح الأزهار ١/ ٤٣٤.
(٧) في (ب): إنما سوغ ذبحه، وفي (ج): إنما يسوغ ذبحه.