كتاب الطهارة
  وقد ورد(١) عن النبي ÷ من رواية ابن عمرو(٢) أنه قال: «ما من إنسان يقتل عصفورا فما فوقها بغير حقها إلا سئل عنها يوم القيامة». قيل: يا رسول الله وما حقها؟ قال: «أن تذبحها فتأكلها ولا تقطع رأسها فترمي به». رواه النسائي والحاكم(٣).
  قال في البحر(٤): وحد الإجحاف أن لا يجد عوضه مع الحاجة إليه. وقيل: مساواة غمه غم العلة. وقيل: أن يباح له السؤال، والأول أقرب. انتهى.
  فائدة: قيل: من كان معه ما يحتاجه للشرب لم يلزمه أن يتوضأ به ويجمعه لشربه؛ لأن النفس تعافه، فأما لو كان يحتاجه لسقي بهيمته فالمتجه وجوب ذلك؛ لانتفاء العيافة(٥).
  ومَن معه ماءان طاهر ونجس، وعطش قبل الوقت شرب الطاهر، وكذا بعد دخول الوقت على الصحيح. وقيل: بل يتوضأ بالطاهر ويشرب النجس.
  تنبيه: لو توضأ من يخشى من استعمال الماء، قال المؤيد بالله: مع خشية التلف لا يجزئ، وتجب عليه الإعادة بالتيمم - يعني إذا كان العذر باقيا(٦).
  قال: ومع خشية الضرر يجزئ(٧)، وهو قول أبي حنيفة وأحد قولي الشافعي(٨)؛ لأن تحمل المشاق في طلب الطاعة وارد في الشرع، بخلاف ما لو خشي التلف؛ لأنه إذا توضأ كان وضوؤه معصية، والطاعة والمعصية لا يجتمعان في فعل واحد.
(١) في (ب، ج): وقد روي عن.
(٢) في النسخ: ابن عمر، والمثبت هو من سنن النسائي، والمستدرك، وهو الصواب، عبد الله بن عمرو بن العاص.
(٣) سنن النسائي ٧/ ٢٠٦ رقم (٤٣٤٩)، كتاب الصيد والذبائح، باب إباحة أكل العصافير، والحاكم في المستدرك ٤/ ٢٣٣، كتاب الذبائح، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وأخرجه أيضا عبد الرزاق في مصنفه ٤/ ٤٥٠ رقم (٨٤١٤) بألفاظ متقاربة.
(٤) البحر الزخار ١/ ١١٤، وانظر: الانتصار ٢/ ١٤٥، والمغني لابن قدامة ١/ ٢٦٢.
(٥) في (ب، ج): لانتفاء العياف.
(٦) هذا مبني على أصله، لأنه يعتبر الإبتداء أما أصل الهادوية فالعبرة الانتهاء، هذا حيث سلم، فإن تلف لم يجزه اتفاقا ومات عاصيا هامش ب.
(٧) التذكرة الفاخرة ص ٦٩، وحكاه أيضًا عن أبي العباس. وحكى في الانتصار ١/ ١٤٠، والبحر الزخار ١/ ١١٥ أنه يجب التيمم عند خشية التلف عند أكثر الأمة: الشافعية، والحنفية، والمالكية. زاد في البحر عنهم أن الوضوء لا يجزي.
(٨) الهداية ١/ ٢٧، واللباب في شرح الكتاب ١/ ٣١، وبدائع الصنائع ١/ ٤٨، والبحر الزخار ١/ ١١٥، والمهذب ١/ ١٣٤، والمجموع للنووي ٢/ ٣٣٠.