تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

باب التيمم

صفحة 533 - الجزء 1

  قوله أيده الله تعالى: (ومقارنة أوله بنية معين) هذا هو الثاني من فروض التيمم، وهو مقارنة النية لأول التيمم. أما وجوب النية فلما مر في الوضوء؛ ولقوله تعالى: {فَتَيَمَّمُوا} إذ التيمم القصد؛ وقياسا على الصلاة بجامع كونهما عبادة.

  وأما وجوب المقارنة لأوله فلئلا يخلو شيء منه عن النية، ولا عمل إلا بنية⁣(⁣١)، واختلف في أوله الذي يجب أن تقارنه النية: فذكر الإمام يحيى لنفسه، وللهادي، والمؤيد بالله، والناصر⁣(⁣٢) أنه مسح الوجه؛ إذ هو أول أعضاء التيمم، وضرب التراب باليدين إنما هو بمنزلة غرف الماء بهما، فكما لا تجزئ النية عند الغرف كذلك عند الضرب⁣(⁣٣)، وذكر الأمير الحسين وغيره للهادي، وهو قول أحمد بن يحيى، وأبي العباس أن محل النية عند ضرب التراب باليدين؛ إذ هو فرض لما سيأتي⁣(⁣٤).

  وأما تعليق نيته بصلاة معينة فهذا هو المختار للمذهب⁣(⁣٥)، فلو نواه للصلاة، أو لصلاة الظهر والعصر لم يصح؛ لقول ابن عباس: من السنة أن لا يصلى بالتيمم إلا مكتوبة واحدة، ثم يتيمم للأخرى. نسبه في التلخيص إلى الدارقطني والبيهقي وضعفه⁣(⁣٦)، وفيه عن ابن عمر: يتيمم لكل صلاة وإن لم يحدث. وقال البيهقي: هو أصح ما في الباب ولا نعلم له مخالفا من الصحابة⁣(⁣٧).


= وجوب التسمية عند الوضوء. الانتصار ١/ ٧٦٩. وانظر: شرح الأزهار ١/ ٤٥٢.

(١) وقال الحسن بن صالح، والأوزاعي: إنه يصح بغير نية. انظر: المغني لابن قدامة ١/ ٢٥٣، والبحر الزخار ١/ ١٢٦. وهو قول زفر، والجبائي. انظر: بدائع الصنائع ١/ ٥٢، وحلية العلماء ١/ ٢٣٦، وبداية المجتهد ١/ ٦٨، والمغني ١/ ٢٥٣، والهداية ١/ ٢٨، ونسبه ابن المظفر للإمامية أيضا. انظر: البيان الشافي ١/ ١٣٧.

(٢) في (ب، ج): والناصر، والمؤيد بالله.

(٣) الانتصار ٢/ ٢٧٨، والبحر الزخار ١/ ١٢٦، والبيان الشافي ١/ ١٣٧.

(٤) شفاء الأوام ١/ ١٥٨، وشرح الأزهار ١/ ٢٥٣، والبحر الزخار ١/ ١٢٦.

(٥) شرح الأزهار ١/ ٤٥٤، وهو أحد وجهي الشافعية. الحاوي ١/ ٢٩٧.

(٦) تلخيص الحبير ١/ ١٥٥ رقم (٢١٠)، كتاب التيمم، وأخرجه مصنف عبد الرزاق ١/ ٢١٥ رقم (٨٣٠)، باب كم يصلى بتيمم واحد، والبيهقي في السنن ١/ ٢٢١، كتاب الطهارة - باب التيمم لكل فريضة، والدار قطني ١/ ١٨٥ رقم (٥)، كتاب الطهارة - باب التيمم لكل صلاة، والطبراني في الكبير ١١/ ٦٢ رقم (١١٠٥٠). ومثل هذا الحديث في أمالي أحمد بن عيسى ١/ ١٦٤ رقم (١٩٨) عن جعفر، عن أبيه قال: «مضت السنة ألا يصلي المتيمم إلا صلاة واحدة ونافلتها». وحديث ابن عباس في شفاء الأوام ١/ ١٦٠، باب الطهارة بالتراب، وأصول الأحكام ١/ ٥٨ رقم (١٨٨)، وفي شرح التجريد ١/ ٢١٦، وفيه أيضًا ١/ ٢١٧ عن علي أنه قال: تيمم لكل صلاة، وهو في أصول الأحكام ١/ ٥٨ رقم (١٨٩).

(٧) البيهقي ١/ ٢٢١، كتاب الطهارة - باب التيمم لكل فريضة، وهو عند الدارقطني ١/ ١٨٤ رقم (٤)، =