باب التيمم
  قوله أيده الله تعالى: (ومقارنة أوله بنية معين) هذا هو الثاني من فروض التيمم، وهو مقارنة النية لأول التيمم. أما وجوب النية فلما مر في الوضوء؛ ولقوله تعالى: {فَتَيَمَّمُوا} إذ التيمم القصد؛ وقياسا على الصلاة بجامع كونهما عبادة.
  وأما وجوب المقارنة لأوله فلئلا يخلو شيء منه عن النية، ولا عمل إلا بنية(١)، واختلف في أوله الذي يجب أن تقارنه النية: فذكر الإمام يحيى لنفسه، وللهادي، والمؤيد بالله، والناصر(٢) أنه مسح الوجه؛ إذ هو أول أعضاء التيمم، وضرب التراب باليدين إنما هو بمنزلة غرف الماء بهما، فكما لا تجزئ النية عند الغرف كذلك عند الضرب(٣)، وذكر الأمير الحسين وغيره للهادي، وهو قول أحمد بن يحيى، وأبي العباس أن محل النية عند ضرب التراب باليدين؛ إذ هو فرض لما سيأتي(٤).
  وأما تعليق نيته بصلاة معينة فهذا هو المختار للمذهب(٥)، فلو نواه للصلاة، أو لصلاة الظهر والعصر لم يصح؛ لقول ابن عباس: من السنة أن لا يصلى بالتيمم إلا مكتوبة واحدة، ثم يتيمم للأخرى. نسبه في التلخيص إلى الدارقطني والبيهقي وضعفه(٦)، وفيه عن ابن عمر: يتيمم لكل صلاة وإن لم يحدث. وقال البيهقي: هو أصح ما في الباب ولا نعلم له مخالفا من الصحابة(٧).
= وجوب التسمية عند الوضوء. الانتصار ١/ ٧٦٩. وانظر: شرح الأزهار ١/ ٤٥٢.
(١) وقال الحسن بن صالح، والأوزاعي: إنه يصح بغير نية. انظر: المغني لابن قدامة ١/ ٢٥٣، والبحر الزخار ١/ ١٢٦. وهو قول زفر، والجبائي. انظر: بدائع الصنائع ١/ ٥٢، وحلية العلماء ١/ ٢٣٦، وبداية المجتهد ١/ ٦٨، والمغني ١/ ٢٥٣، والهداية ١/ ٢٨، ونسبه ابن المظفر للإمامية أيضا. انظر: البيان الشافي ١/ ١٣٧.
(٢) في (ب، ج): والناصر، والمؤيد بالله.
(٣) الانتصار ٢/ ٢٧٨، والبحر الزخار ١/ ١٢٦، والبيان الشافي ١/ ١٣٧.
(٤) شفاء الأوام ١/ ١٥٨، وشرح الأزهار ١/ ٢٥٣، والبحر الزخار ١/ ١٢٦.
(٥) شرح الأزهار ١/ ٤٥٤، وهو أحد وجهي الشافعية. الحاوي ١/ ٢٩٧.
(٦) تلخيص الحبير ١/ ١٥٥ رقم (٢١٠)، كتاب التيمم، وأخرجه مصنف عبد الرزاق ١/ ٢١٥ رقم (٨٣٠)، باب كم يصلى بتيمم واحد، والبيهقي في السنن ١/ ٢٢١، كتاب الطهارة - باب التيمم لكل فريضة، والدار قطني ١/ ١٨٥ رقم (٥)، كتاب الطهارة - باب التيمم لكل صلاة، والطبراني في الكبير ١١/ ٦٢ رقم (١١٠٥٠). ومثل هذا الحديث في أمالي أحمد بن عيسى ١/ ١٦٤ رقم (١٩٨) عن جعفر، عن أبيه قال: «مضت السنة ألا يصلي المتيمم إلا صلاة واحدة ونافلتها». وحديث ابن عباس في شفاء الأوام ١/ ١٦٠، باب الطهارة بالتراب، وأصول الأحكام ١/ ٥٨ رقم (١٨٨)، وفي شرح التجريد ١/ ٢١٦، وفيه أيضًا ١/ ٢١٧ عن علي أنه قال: تيمم لكل صلاة، وهو في أصول الأحكام ١/ ٥٨ رقم (١٨٩).
(٧) البيهقي ١/ ٢٢١، كتاب الطهارة - باب التيمم لكل فريضة، وهو عند الدارقطني ١/ ١٨٤ رقم (٤)، =