تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

باب التيمم

صفحة 556 - الجزء 1

  المصحف، واللبث في المسجد، حيث يكون جنبا أو حائضا أو نفساء، ولا بد أن يكون كل من القراءة واللبث مقدرا بالنية فينوي تيممه لقراءة سورة معينة أو أكثر أو جزء معين أو أكثر، أو نحو ذلك، وللبث في المسجد من الظهر إلى العصر أو يوم الجمعة أو نحو ذلك، ولا يكفي التقدير بالساعة؛ لصعوبة ضبطها، فلا يأمن الزيادة⁣(⁣١)، ويصح أيضًا بقدر القراءة بالوقت وبالآيات⁣(⁣٢)، وعن المنصور بالله وغيره: يجوز التيمم للقراءة واللبث وإن لم يحصرا⁣(⁣٣) بتقدير⁣(⁣٤)، وكذلك يجوز أن يتيمم لصلاة مقدرة بعدد ركعات أو وقت ولو كثرت على الأصح.

  وعن الشافعي ورواية عن الهادي أنه يصح أن يصلي بالتيمم الواحد ما شاء من النوافل من غير حصر، ومثله يأتي على قول الناصر وأبي حنيفة⁣(⁣٥)؛ لقولهما إنه يصح أن يصلي بالتيمم الواحد ما شاء حتى يحدث أو يجد الماء، وكذلك يجوز لعادم الماء في الميل أن يتيمم لكل صلاة ذات سبب عند وجود سببها، كحضور الجنازة، وكسوف الشمس، والاجتماع للاستسقاء، وحصول شرط المنذورة.

  فأما مع وجود الماء في الميل فلا يصح التيمم إلا أن يخشى فوت صلاة الجنازة بدفنها أو⁣(⁣٦) نحوه، أو صلاة الكسوف بالانجلاء أو نحوه⁣(⁣٧)، فيجوز له التيمم ولو كان الماء حاضرا.

  وإنما لم يذكر المؤلف أيده تعالى ذوات الأسباب في هذا الموضع؛ لأنه قد تقدم ما يكفي في ذلك، وقد شمل الممنوع بالحدث وطء الحائض إذا طهرت وعدمت الماء في الميل، وأراد زوجها وطأها فإنه يجوز لها أن تتيمم للوطء، ولا يلزمها انتظار آخر وقت⁣(⁣٨)


(١) وأما في زمننا فيمكن ضبط الساعة، ولهذا يصح التقدير بالساعة، إلا في حالة عدم توفرها.

(٢) التذكرة الفاخرة ص ٧٣، والبيان الشافي ١/ ١٤٧.

(٣) في (ب): إن لم يحصر بتقدير.

(٤) المهذب في فتاوى الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة ص ٧٣، والبيان الشافي ١/ ١٤٧.

(٥) مسائل الناصريات ص ١٥٨، والانتصار ٢/ ٢٠٥، والبحر الزخار ١/ ١٢١، وحلية العلماء ١/ ٢٦٣، والمجموع ٢/ ٢٩٤، والمهذب ١/ ١٣٦، ومختصر اختلاف العلماء ١/ ١٤٧، والمبسوط ١/ ١١٧، والبحر الرائق ١/ ٣٣٥.

(٦) في (ب): بدفنها ونحوه

(٧) الضمير في «نحوه» في كلا الموضعين يسبب إشكالاً، فإنه بهذه الصيغة يعني نحو الدفن في الجنازة، ونحو الانجلاء في الكسوف، وكان الأولى بالشارح أن يلتزم عبارة شرح الأزهار، وهي: فوت الجنازة، وتجلي الكسوف ونحوها؛ ليعود الضمير إلى فوت الجنازة وتجلي الكسوف، ونحوهما: هو فوت وقت المنذورة، والاجتماع للاستسقاء. والله أعلم.

(٨) في (الأصل، ب): آخر الوقت الصلاة.