تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

كتاب الطهارة

صفحة 577 - الجزء 1

  الحالة الرابعة: حال الحمل، فمذهبنا والحنفية أن الدم الآتي حال الحمل لا يكون حيضا، وهو قول الأكثر؛ لاعتدادها بالوضع، واستبرائها به دون الدم⁣(⁣١)؛ ولما روي عن علي أنه قال: "رفع الحيض عن الحبلى وجعل الدم رزقًا للولد". وقول عائشة: الحامل لا تحيض. حكاهما في الشفاء⁣(⁣٢)، ومثلهما لا يكون إلا توقيفا.

  وعن مالك والشافعي في أحد قوليه: ليست بحالة تعذر⁣(⁣٣)؛ إذ لم يفصل قوله ÷ في حديث فاطمة بنت أبي حبيش: «إذا كان دم الحيضة فإنه دم أسود يعرف، فإذا كان ذلك فأمسكي عن الصلاة، فإذا كان الآخر فتوضئي وصلي فإنما هو عرق» رواه النسائي⁣(⁣٤). قلنا: فصل ما ذكرناه، والله أعلم.

  قوله أيده الله تعالى: (وتثبت العادة لمتغيرتها والمبتدأة بقرئين، ويحكم بالأقل) هذا بيان لما تثبت به العادة لمن تغيرت عادتها أو كانت مبتدأة، فالمذهب أن العادة تثبت في حق كل واحدة منهما بقرئين أي حيضتين⁣(⁣٥)، وإن كانت مدة إحدى الحيضتين أكثر من الأخرى، ويحكم حينئذ بأن الأقل من المدتين هو العادة، وإنما تثبت العادة بقرئين إذا لم يتصل ثانيهما بالاستحاضة؛ لأنه إذا اتصل بها لم يعرف قدره، فلا تثبت بذلك عادة.

  وعن أبي يوسف أن العادة تثبت بقرء واحد مطلقا⁣(⁣٦).

  وعن الشيخ أبي طالب⁣(⁣٧): أن المبتدأة تثبت عادتها بقرء واحد، ومثله عن السيد يحيى. وقال: الرجوع إلى ذلك أقرب من الرجوع إلى عادة نسائها⁣(⁣٨).


(١) ينظر: مسند الإمام زيد ص ٩٢، والأحكام في الحلال والحرام ١/ ٧٣، وأصول الأحكام ١/ ٦٢، والناصريات ص ١٦٩، والبحر الزخار ١/ ١٣٤، والبيان الشافي ١/ ١٥٢، ١٥٣، ورأب الصدع ١/ ١٧١، ومختصر اختلاف العلماء ١/ ١٧١.

(٢) شفاء الأوام ١/ ١٦٤.

(٣) ينظر: المهذب ١/ ١٤٥، والمجموع ٢/ ٤١٢، والمدونة ١/ ١٥٥.

(٤) أخرجه النسائي في سننه، كتاب الحيض والاستحاضة - باب جمع المستحاضة بين الصلاتين وغسلها إذا جمعت ص ٦٣ رقم (٣٦٢)، وأبو داود في سننه، كتاب الطهارة - باب من روى أن المستحاضة تغتسل كل صلاة ص ٦٥ رقم (٢٨٦)، والدارقطني في سننه، كتاب الطهارة - كتاب الحيض ١/ ٢٧ رقم (٥).

(٥) في (ب): بقرئين حيضتين.

ينظر: البحر الزخار ١/ ١٣٩، وشرح الأزهار ١/ ١٥٢، والبيان الشافي ١/ ١٥١.

(٦) ينظر: المجموع ٢/ ٤٢٧، والبحر الرائق ١/ ٤٣١.

(٧) الشيخ أبو طالب بن أبي جعفر محمد بن يعقوب الهوسمي الزيدي: سبقت ترجمته ص ٣٨٤.

(٨) ينظر: شرح الأزهار ١/ ١٥٢، والبيان الشافي ١/ ١٥١.