تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

كتاب الصلاة

صفحة 12 - الجزء 2

  وأدلة وجوبها ظاهرة لا حاجة إلى ذكرها لما ذكر.

  والمختار أن أول ما فرض من الصلوات الخمس صلاة الظهر⁣(⁣١)؛ لخبر جابر⁣(⁣٢)، وسيأتي في الأوقات، وأن الصلاة لم تكن فرضت قبل ذلك⁣(⁣٣).

  وقيل: بل أول ما فرض قيام الليل⁣(⁣٤).

  وقيل: فرضت الصلوات الخمس ليلة المعراج؛ لحديث المعراج، وهو معروف وسيأتي.

  قوله أيده الله: (سببها⁣(⁣٥) الوقت) أي سبب وجوب فعلها الوقت، وسيأتي بيانه. وإنما قدم المؤلف أيده الله تعالى ذكر الوقت؛ لأنه بمنزلة الأصل للشرط والفرض، والأصل مقدم على الفرع، وإنما جعله سببًا⁣(⁣٦) ولم يجعله شرطًا كعادة أهل المذهب في كتب الفروع؛ لأنه في اصطلاح الأصوليين سبب لا شرط⁣(⁣٧).


(١) الانتصار ٢/ ٤٨٤، ٥٢٦، والبحر الزخار ٢/ ٢٤١.

(٢) خبر جابر: وهو عن جابر بن عبد الله، أن جبريل أتى النبي ÷ يعلمه مواقيت الصلاة، فتقدم جبريل ورسول الله ÷ خلفه والناس خلف رسول الله ÷، فصلى الظهر حين زالت الشمس ... وهذا طرف من حديث طويل أخرجه بتمامه النسائي ١/ ٢٥٥ في المواقيت - باب آخر وقت العصر رقم (٥١٣)، والحاكم في المستدرك ١/ ١٩٦، كتاب الصلاة - باب أوقات الصلاة، والطبراني في المعجم الكبير ١٠/ ٣٠٩ رقم (١٠٧٥٢)، ومصنف ابن أبي شيبة ١/ ٢٨٠ رقم (٣٢٢٠)، في جميع مواقيت الصلاة، ومصنف عبد الرزاق ١/ ٥٣١ قم (٢٠٢٨)، كتاب الصلاة - باب المواقيت، وأخرجه الترمذي ١/ ٢٧٨ رقم (١٤٩) عن ابن عباس، أبواب الصلاة - باب ما جاء في مواقيت الصلاة، وأخرجه برقم (١٥٠)، عن جابر، فذكر نحو حديث ابن عباس بمعناه. وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب، وحديث ابن عباس حديث حسن صحيح. وقال محمد - أي البخاري -: أصح شيء في المواقيت حديث جابر عن النبي ÷، ومسند أحمد بن حنبل ١/ ٧١٣ رقم (٣٠٨١)، وقال شعيب الأرنؤوط: إسناده حسن، وصحيح ابن خزيمة ١/ ١٦٨ رقم (٣٢٥)، باب ذكر مواقيت الصلوات الخمس، وغيرهم.

(٣) ينظر: الانتصار ٢/ ٤٨٤.

(٤) القائل هو الإمام يحيى بن حمزة. ينظر: الانتصار ٢/ ٤٠٧، ٤٨٤، وينظر: البحر الزخار ٢/ ٢٤١، والحاوي الكبير ٢/ ٤؛ وذلك لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ ١ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا ٢ نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا ٣ أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ٤} ثم نسخ ذلك بقوله تعالى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ}⁣[المزمل: ٢٠].

(٥) في (ب، ج): وسببها.

(٦) السبب لغة: هو الحبل، وكل شيء يتوصل به إلى غيره. وفي الاصطلاح: هو وصف ظاهر منضبط، جعله الشارع مُعرِّفًا لحكم شرعي، وربط وجود المسبب بوجوده وعدمه بعدمه؛ فزوال الشمس سبب لوجوب صلاة الظهر. ينظر: بيان مختصر شرح مختصر ابن الحاجب، تأليف: شمس الدين أبي الثناء محمود بن عبد الرحمن الأصفهاني، تحقيق: د. محمد مظهر بقا - جامعة أم القرى - السعودية - ط ١ (١٤٠٦ هـ/١٩٨٦ م) ١/ ٤٠٥، والإحكام للآمدي ١/ ١١٨.

(٧) الشرط: وصف ظاهر منضبط يتوقف عليه وجود الحكم من غير إفضاء إليه؛ فالوضوء شرط لصحة إقامة الصلاة؛ فإذا لم يوجد وضوء لا تصح إقامة الصلاة، ولا يسلم من وجود الوضوء إقامة الصلاة. ينظر مختصر ابن الحاجب وشرحه ٢/ ٧.