تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

فصل: [أفضل أماكن الصلاة]

صفحة 82 - الجزء 2

  وقد اختلف في حقيقة الرياء، وأحسن ما قيل فيها: هو أن يفعل الطاعة أو يخبر بها طلبًا للثناء من المخلوقين، أو لمنفعة دنيوية ينالها منهم⁣(⁣١).

  والمراد بمظان الرياء: المواضع التي يجتمع فيها الناس من المساجد وغيرها. والأصل في ذلك ما رواه زيد بن ثابت أن رسول الله ÷ قال: (صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجدي إلا المكتوبة). أخرجه أبو داود والترمذي⁣(⁣٢)، وقد روي موقوفًا على زيد⁣(⁣٣)، وعن جابر أن رسول الله ÷ قال: (إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده فليجعل لبيته نصيبا من صلاته، فإن الله جاعلٌ في بيته من صلاته خيرا). أخرجه مسلم⁣(⁣٤)، وعن كعب بن عجرة⁣(⁣٥) قال: صلى النبي ÷ في مسجد بني عبد الأشهل المغرب، فقام قوم يتنفلون، فقال النبي ÷: (عليكم بهذه الصلاة في البيوت). أخرجه الترمذي⁣(⁣٦).

  أما حيث كان المسجد خاليا فالنوافل فيه أفضل اتفاقا. وإنما الخلاف حيث يكون مدخولا⁣(⁣٧)؛ فعن أبي حنيفة أنها في البيوت أفضل مطلقا⁣(⁣٨)؛ لظاهر الأحاديث المتقدمة ونحوها. وعن المنصور بالله أن رواتب الفرائض في المساجد أفضل، وسائر النوافل في البيوت أفضل⁣(⁣٩)، والصحيح ما أشار إليه المؤلف أيده الله تعالى من أنها في البيوت أفضل، إلا لمن


(١) شرح الأزهار ١/ ٣٠٣.

(٢) أبو داود ١/ ٦٣٢ رقم (١٠٤٤)، كتاب الصلاة - باب صلاة الرجل التطوع في بيته، والترمذي ٢/ ٣١٢ رقم (٤٥٠)، كتاب الصلاة - باب ما جاء في فضل صلاة التطوع في البيت، وقال: حديث حسن.

(٣) قال الترمذي ١/ ٣١٣: وقد اختلف الناس في رواية هذا الحديث؛ فروي مرفوعا، ورواه مالك عن أبي النضر، ولم يرفعه، وأوقفه بعضهم، والحديث المرفوع أصح.

(٤) مسلم ١/ ٥٣٩ رقم (٧٧٨)، كتاب صلاة المسافرين وقصرها - باب استحباب صلاة النافلة في بيته وجوازها في المسجد.

(٥) كعب بن عجرة القضاعي البلوي الأنصاري حلفا، أبو محمد، شهد بيعة الرضوان، مات بالمدينة سنة ٥١ هـ، وقيل: سنة ٥٣ هـ، روى له الجماعة. ينظر: أسد الغابة ٤/ ٤٥٥، والاستيعاب ٣/ ٣٨٩، والإصابة ٣/ ٣٨١.

(٦) سنن الترمذي ٢/ ٥٠١ رقم (٦٠٤)، كتاب الصلاة - باب ما ذكر في الصلاة بعد المغرب أنه في البيت أفضل، وقال: هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه.

(٧) البيان الشافي ١/ ١٩٤، والانتصار ١/ ٦٦.

(٨) المحيط البرهاني ١/ ٥١٢.

(٩) شرح الأزهار ٢/ ٢٠٢.