تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

باب [الأذان والإقامة وأحكامهما]

صفحة 138 - الجزء 2

  وقوله: (وبعدهما) أي بعد الفراغ منهما كليهما؛ ووجهه أنه قد ورد النهي عن ابتداء صلاة النفل بعد الإقامة بقوله ÷: (إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة»⁣(⁣١) فيكره الكلام بطريق الأولى. وفي بطلان كل [واحد]⁣(⁣٢) منهما بالفصل الكثير بين ألفاظه وجهان: الأرجح البطلان، لا اليسير، فيكره فقط، إلا لعذر⁣(⁣٣).

  قيل (الفقيه يحيى): وكذا يكره الكلام بين الأذان والإقامة أيضا⁣(⁣٤). والصحيح خلافه⁣(⁣٥)، والله أعلم.

  قال في الغيث: قلت: أما لو أقام، ثم اشتغل بكلام غير متعلق بفعل الصلاة: فإن كان مثله لا يعد إعراضا، نحو أن يعطس فيتحمد، أو يقول للجماعة: سووا صفوفكم، أو نحو ذلك، لم يشرع إعادة الإقامة؛ إذ قد روي أنه ÷ قال بعدها: (سووا صفوفكم)⁣(⁣٦)، وأما إذا عُدَّ مثله إعراضا واشتغالًا بغيرها فالأقرب لزوم إعادتها؛ لأنهم بذلك الاشتغال صاروا كمن لم يكن قد أقيمت له؛ إذ شرعت للتنبيه على ترك ما سواها، والأخذ بفعلها. انتهى⁣(⁣٧).

  قلت: وفي الأحاديث ما يدل على خلاف ذلك.

  وحذف المؤلف أيده الله تعالى قوله في الأزهار: (والنفل في المغرب بينهما) أي ويكره التنفل بين الأذان والإقامة في المغرب خاصة؛ لأن المستحب فيها المبادرة بفعلها؛ لضيق وقتها؛ ولما ورد من رفع ملائكة النهار لها.

  وإنما حذف المؤلف ذلك لأنه قد ورد أحاديث كثيرة في التنفل بينهما في المغرب، كحديث


(١) مسلم ١/ ٤٩٣ رقم (٧١٠)، كتاب صلاة المسافرين - باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن، وأبو داود ٢/ ٥٠ رقم (١٢٦٦)، كتاب الصلاة - باب إذا أدرك الإمام ولم يصل ركعتي الفجر، والنسائي ٢/ ١١٦ رقم (٨٦٦)، كتاب الإمامة - باب ما يكره من الصلاة عند الإقامة، والترمذي ٢/ ٢٨٢ رقم (٤٢١)، كتاب الصلاة - باب ما جاء إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة، عن أبي هريرة.

(٢) ما بين المعقوفتين ساقط من (الأصل).

(٣) شرح الأزهار ١/ ٢٢٤ - ٢٢٥ هامش (١٢).

(٤) هذا القيل للفقيه يحيى بن أحمد. انظر: شرح الأزهار ١/ ٢٢٥.

(٥) أي لا يكره، كما هو ظاهر الأزهار، ومثله في البحر. اهـ. هامش (٦) شرح الأزهار ١/ ٢٢٥.

(٦) البخاري ١/ ٢٥٤ رقم (٦٩٠)، كتاب الجماعة والإمام - باب إقامة الصف من تمام الصلاة، ومسلم ١/ ٣٢٤ رقم (٤٣٣)، كتاب الصلاة - باب تسوية الصفوف وإقامتها، وأبو داود ١/ ٤٣٤ رقم (٦٦٨)، كتاب الصلاة - باب تسوية الصفوف، عن أنس بن مالك. وفي (ب، ج) بزيادة: وربما قال: «ألصقوا الكعب بالكعب»

(٧) شرح الأزهار وهامشه ١/ ٢٢٥.