تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

كتاب الصلاة

صفحة 156 - الجزء 2

  ويشبه هذا ما ينبغي أن يتصور في الذكر الوارد فضله في الأخبار المتظاهرة، وهو: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم⁣(⁣١)، فإنه على هذا الترتيب مع التدبر لغايته الشريفة أعظم الأذكار وأشرف الأسرار، فحين يقول: سبحان الله، يستحضر أدلة تنزه الصانع المعبود عن كل نقيصة، وحين يستحضر ذلك ينتج له أنه متصف بكل صفة حميدة، وحين يكمل له العلم بذلك يعلم منه أنه الذي لا إله إلا هو؛ لأنه لا يتصف بهذا الوصف غيره، وحين يتم له تصور العلم بهذا لا يقتصر عليه، بل يستحضر أنه بقي لله سبحانه من حقوق الجلال وصفات الكمال غير ذلك مما يمكن أن يعلمه العبد، بل يجب أن يعلمه عند كثير من العلماء، ومما لا يمكن أن يعلمه عند كثير ولا يحيطون به علما، فيقول عند ذلك: والله أكبر، ثم حين يتصور كل ما ألهمه الله⁣(⁣٢) له العليم القدير، ينبغي أن لا يعتقد أن هذه العلوم والأسرار الكريمة والصفات والأنوار العظيمة مما استقل بمعرفته وتميز له بقوته، فيدفع هذا الاعتقاد بإرداف ذلك بقول⁣(⁣٣): لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فيجب على الذاكر لربه أن يستحضر مثل هذه الأنوار والعلوم في ذلك الحي القيوم، والله النور الهادي. انتهى كلامه أيده الله تعالى، ومد مدته.

  وقد أشار إلى هذه المعاني بما سيأتي من قوله: (والمأثور بعد الفراغ من تهليل واستغفار وتلاوة وأذكار بآدابه)، كما سيأتي، والله الموفق.

  قوله أيده الله تعالى: (وهو من الصلاة) يعني أن تكبيرة الإحرام من جملة الصلاة. هذا قول الهادي والشافعي⁣(⁣٤)؛ لقوله ÷ في خبر السلمي⁣(⁣٥): (إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هي التسبيح،


(١) منها ما أخرجه الترمذي ٥/ ٤٧٥ رقم ٣٤٦٠ عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله ÷: «ما على الأرض أحد يقول: لا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله إلا كفرت عنه خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر».

(٢) لفظ الجلالة ساقط من (ب، ج).

(٣) في (ب، ج): بقوله.

(٤) وبه قال القاسم، وأبو طالب، والمنصور بالله. البحر الزخار ٢/ ٣٩٤، والتذكرة الفاخرة ص ٩٩، وحلية العلماء ٢/ ٩٤.

(٥) هو معاوية بن الحكم السُّلَميُّ من أهل الحجاز، كان يسكن بني سليم، توفي سنة ١١٧ هـ. أسد الغابة ٥/ ١٩٨، والإصابة ٣/ ٤١١، والاستيعاب ٣/ ٤٦٩.