تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

كتاب الصلاة

صفحة 158 - الجزء 2

  تنعقد بها الصلاة الأخرى؛ لأنها وقعت قبل الخروج من الأولى، وهو لا يدخل في الآخرة حتى يخرج من الأولى. هكذا في الغيث⁣(⁣١).

  قال: ويمكن أن يقال: يصير خارجًا بالعزم على الدخول في الأخرى، كما ذكر أبو حامد الجاجرمي⁣(⁣٢) أن العزم على الخروج من الصلاة والتردد فيه مفسد للصلاة⁣(⁣٣)، ثم قال: واعلم أن هذا كله مبني على أن المصلي لم يفعل ما يفسد الصلاة الأولى، سوى التكبيرة، فأما لو فعل ما يفسدها قبل التكبير من فعلٍ، أو قول فلا إشكال في ذلك ولا خلاف. انتهى.

  وإنما حذف المؤلف أيده الله تعالى قوله في الأزهار: (للخروج)⁣(⁣٤) لأن الخروج من الصلاة لا يحتاج إلى التكبيرة، وإنما يحتاج إليها للدخول في الصلاة الثانية؛ لأن المصلي إن صدر منه ما يفسد الصلاة الأولى فظاهر، وإلا ففعله التكبيرة للدخول في الثانية مع نية الخروج من الأولى كاف في إفسادها، كما لو نوى بالتكبيرة خطاب الغير. قلت: وهذا ظاهر في إفساد الأولى.

  وأما كونه يصير داخلًا بها في الصلاة الآخرة ففيه ما تقدم من الإشكال، والله أعلم.

  مسألة: ولا يسن رفع اليدين عند الهادي، ورواية عن القاسم #، ورواية عن مالك⁣(⁣٥).

  وعند المؤيد بالله، وأبي حنيفة، والإمام يحيى، ورواية عن القاسم: يستحب للافتتاح⁣(⁣٦) فقط⁣(⁣٧)؛ لحديث البراء بن عازب: رأيت رسول الله ÷ إذا افتتح الصلاة رفع يديه إلى قريب أذنيه، ثم لا يعود⁣(⁣٨). وفي رواية:


(١) شرح الأزهار ١/ ٢٣٢.

(٢) هو محمد بن إبراهيم بن أبي الفضل السهيلي الشافعي، مفتي نيسابور، وتوفي بها سنة ٦١٣ هـ، من مؤلفاته: «الكفاية، والاختلاف، والقواعد». سير أعلام النبلاء ٢٢/ ٦٢، والأعلام ٥/ ٢٩٦.

(٣) الوجيز ص ٣٥، والمجموع للنووي ٣/ ٢٤٢، وعلى هذا فتكفي النية للخروج من الصلاة والتكبيرة الثانية مع النية للدخول في الصلاة الثانية، ولا معنى حينئذ لاشتراط الشافعية تكبيرة أخرى.

(٤) الأزهار ص ٣٧: ويثني للخروج والدخول في أخرى ....

(٥) التجريد ص ٦٥، والأحكام ١/ ٩٢، ورأب الصدع ١/ ٢٣٦، وشفاء الأوام ١/ ٢٩٥ - ٢٩٧، والانتصار ٣/ ٢٠٤، والمدونة ١/ ١٦٥.

(٦) في (ب): يستحب الافتتاح.

(٧) البحر الزخار ٢/ ٣٩٦، والمدونة ١/ ١٦٥، ومختصر اختلاف العلماء ١/ ١٩٩، وشفاء الأوام ١/ ٢٩٧.

(٨) أبو داود ١/ ٤٧٨ رقم (٧٤٩)، كتاب الصلاة - باب من لم يذكر الرفع في الركوع، والدارقطني ١/ ٢٩٤ رقم (٢٤).