كتاب الصلاة
  صرح بذلك أبو طالب(١)، فإن لم يكن إمام، أو كان ولا بيت مال، نجاه أخوه المسلم بخرقة كالميت، إن كان رجلا فرجل، أو امرأة فامرأة، ويجعل الخرقة على يده؛ لتحول بينها وبين بشرة العورة.
  فأما غير الجنس فلا يجوز مس شيء منه ولو بحائل، إلا المحرم فهو كالجنس مع جنسه فيما يجوز له رؤيته، وهو فيما عداه كالأجنبي؛ والأصح جواز أخذ الأجرة على ذلك هنا، كما في الختان(٢)؛ إذ أصل الوجوب فيهما على غير الفاعل، بخلاف غسل الميت، كما سيأتي.
  قوله أيده الله تعالى: (ويبني على الأعلى، وفي الأدنى كمتيمم وجد الماء) المعنى أن الإنسان إذا شرع في الوضوء أو الصلاة فتغيرت حاله في أثناء ذلك، فإن تغيرت من أعلى إلى أدنى، نحو: أن يدخل في الصلاة من قيام، فيصلي ركعة أو نحو ذلك، ثم تعذر عليه القيام؛ فإنه يأتي ببقية الصلاة من قعود، ويحتسب منها ما قد صلاه من قيام، ولا يستأنف، وكذلك في الوضوء، لو غسل وجهه وإحدى يديه مثلا، ثم عرض له مانع من استعمال الماء؛ فإنه ييمم الباقي من أعضاء التيمم، ولا يلزمه الاستئناف.
  وأما حيث تغير حاله من أدنى إلى أعلى نحو: أن يدخل في الصلاة من قعود؛ لعذر، ثم زال [ذلك](٣) العذر، وأمكنه القيام؛ فإنه لا يبني على ما قد فعله من قعود، بل يكون حكمه حكم المتيمم إذا وجد الماء، وقد تقدم تفصيل حكمه، وبيان ذلك بالنظر إلى المصلي هنا أنه إن أمكنه القيام، وفي الوقت بقية تسع الصلاة الأولى وركعة من الثانية، وجب عليه أن يستأنف الصلاتين من قيام، وإن لم يبق من الوقت إلا دون ذلك استأنف الثانية فقط إن بقي من الوقت ما يسع ركعة منها، وإلا لم يلزمه شيء. هذا مذهب الهادوية(٤).
  وعند المنصور بالله، والشافعي، أنه يجوز له البناء على ما قد فعله، سواء كان أعلى أم أدنى(٥).
(١) شرح الأزهار ١/ ٢٦٢.
(٢) في شرح الأزهار ١/ ٢٦٢: قال القاضي زيد: ولا تحل الأجرة هنا كغسل الميت. قال مولانا: والصحيح ما قال أبو مضر، واختاره في الانتصار، وحكاه عن أبي طالب: أنها لا تحرم كالختان. اهـ. والانتصار ١/ ٦٧٧.
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من (ب، ج).
(٤) شرح الأزهار ١/ ٢٦٣، والانتصار ٢/ ٦٥٠.
(٥) روضة الطالبين ص ١٠٧، والمهذب في فتاوى الإمام المنصور ص ٥٢.