باب: صفة الصلاة
  عليه وآله وسلم -:) من قاء، أو رعف في صلاته، فلينصرف وليتوضأ، وليستأنف الصلاة).
  وقال أبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد، ومالك، وروي عن زيد بن علي $، وهو قديم قولي الشافعي، ذكره في المهذب: إنها لا تفسد، لكن يتوضأ، ثم يبني على ما فعل، مالم يفعل شيئا يفسدها(١)؛ لقوله ÷: (من قاء أو رعف في صلاته، فلينصرف، وليتوضأ، وليبن على صلاته، مالم يتكلم)(٢).
  تنبيه: أما الحديث الأول فحكي نحوه في أصول الأحكام(٣)، إلا قوله: "وليستأنف الصلاة" فالأَوْلى الاحتجاج بحديث علي بن طلق، قال: قال رسول الله ÷: (إذا فسى أحدكم في الصلاة، فلينصرف، وليتوضأ، وليعد الصلاة). هذه رواية أبي داود(٤).
  وأما الحديث الثاني فنسبه في التلخيص(٥) إلى ابن ماجة والدارقطني(٦) عن عائشة، ولفظ ابن ماجة: قالت: قال رسول الله ÷: (من أصابه قيء، أو رعاف، أو قلس، أو مذي، فلينصرف، وليتوضأ، وليبن على صلاته، وهو في ذلك لا يتكلم)، ثم حكى تضعيفه عن جماعة من الحفاظ. والله أعلم.
  قوله أيده الله تعالى: (وبفعل أجمع على كثرته) أي وتفسد الصلاة بأن يفعل المصلي فيها فعلا أجمع العلماء على أنه كثير؛ لأن ذلك إضراب عما هو بصدده من خطاب ملك الملوك، فأفسدها؛ لكونه منافيا لها، أي ما أجمعوا على كونه كثيرا، ولو اختلفوا في كونه مفسدا، كوضع اليد على اليد. هذا قول المؤيد بالله والإمام يحيى(٧)، واختاره المؤلف
(١) روضة الطالبين ص ١٢٢، والبحر الرائق ١/ ٦٨٤، والانتصار ٣/ ٤٠٤، وبداية المجتهد ١/ ١٧٩، وعند مالك أنه يجب إعادة الصلاة بسبب الرعاف فقط لا غيره فيبني، ونسبه في الانتصار إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، ولم ينسبه لزيد بن علي.
(٢) نصب الراية ١/ ٣٨، وسيأتي قريبا.
(٣) أصول الأحكام ١/ ١٣٧ رقم (٤٥٨).
(٤) سنن أبي داود ١/ ١٤١ رقم (٢٠٥)، كتاب الطهارة - باب من يحدث في الصلاة.
(٥) تلخيص الحبير ١/ ٢٧٤.
(٦) سنن ابن ماجة ١/ ٣٨٥ رقم (١٢٢١)، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها - باب ما جاء في البناء على الصلاة، وسنن الدارقطني ١/ ١٥٣ رقم (١١).
(٧) الانتصار ٣/ ٤١٠ وفيه ٣/ ٢١٣: ظاهر كلام الهادي، والقاسم: فساد الصلاة بفعله، واختاره السيد =