كتاب الصلاة
  لا يفسدها ولو في أمور الدنيا، ولكنه يكره. قال المنصور بالله: ولا يستدعي سجود السهو.
  قوله أيده الله تعالى: (وبالعود من فرض فعلي إلى مسنون) وذلك نحو أن يترك التشهد الأوسط سهوًا، ثم يعود إليه بعد انتصابه قائما، أو يسهو عن القنوت حتى يسجد ثم يقوم له، فإن الصلاة تفسد بذلك.
  وإنما قال: " فعلي" احترازا من الأذكار؛ فإنه لو عاد من مفروضها إلى مسنونها لم تفسد صلاته، نحو أن ينسى أول التشهد ثم يعود له بعد أن تشهد.
  وقوله: "إلى مسنون" احترازا من أن يعود من مفروض إلى مفروض تركه، فإن ذلك لا يفسد، بل يجب.
  واختلف في القدر المفسد في مسألتي العود إلى التشهد الأوسط أو القنوت: فالمذهب، وهو قول أبي حنيفة، والشافعي: أن الرجوع إلى التشهد يفسد إذا رجع بعد الانتصاب لا قبله(١).
  وظاهر المنتخب أنه لا يفسد ما لم يشرع في القراءة(٢). وعن أبي العباس: لا يفسد ما لم يقف في قيامه قدر ثلاث تسبيحات(٣).
  وعن الحسن بن صالح: مالم يركع(٤).
  وعن مالك: إذا رجع بعد أن رفع ألْيَتَيْهِ من الأرض أفسد(٥)؛ والأصل في ذلك ما سيأتي في باب سجود السهو إن شاء الله تعالى. والقنوت مقيس عليه.
  وأما القنوت فعلى تحصيل الأخوين: لا يفسد الرجوع إليه إلَّا بعد وضع أعضاء السجود على الأرض(٦).
(١) التذكرة الفاخرة ص ١١٧، وشرح الأزهار ١/ ٢٦٦، والبيان الشافي ١/ ٣٢٣، والانتصار ٣/ ٧٤١، والمهذب ١/ ٣٠٠، والمجموع ٤/ ٥٩.
(٢) قال في المنتخب ص ٤٢: إن لم يبتدئ في قراءته ويمضي في صلاته جلس وتشهد، وإن كان قد مضى في بعض القراءة أو بعض الصلاة مضى في صلاته حتى يتمها ثم يسجد للسهو.
(٣) شرح الأزهار ١/ ٢٦٧.
(٤) في الانتصار ٣/ ٧٤٣ عن الحسن بالبصري، وكذلك في المجموع ٤/ ٦١.
(٥) وعنه أيضا: إن كان إلى القيام أقرب لم يعد وإلا عاد. المجموع ٤/ ٦١، وفي الشرح الكبير ١/ ٢٩٦: إن لم يفارق الأرض بيديه وركبتيه جميعا؛ بأن بقي بالأرض ولو يدًا أو ركبة. اهـ. وما ذكره المصنف هو الذي حكاه في الانتصار ٣/ ٧٤٢ عن مالك نقلا عن ابن المنذر.
(٦) في البيان الشافي ١/ ٣٢٣: وقال: ما لم يضع ركبتيه أو يديه على الأرض.