باب: [صلاة الجماعة]
  «الإمام ضامن». أخرجه أبو داود، والترمذي(١)، ولا ضمان إلا بنية.
  وعند المؤيد، والمنصور، وأصحاب الشافعي: لا يشترط إلا للفعل(٢)؛ لحديث ابن عباس في دخوله مع النبي ÷ في صلاته بالليل(٣).
  وعن أبي حنيفة إن كان معه امرأة وجبت عليه نية الإمامة بها(٤)؛ إذ خبر ابن عباس خاص بالرجال. وقيل: الوجه في ذلك أن صلاة الإمام قد تفسد بصلاتها، نحو أن تقف بجنبه، فأشبه المؤتم من حيث إن صلاته قد تفسد بفساد صلاة الإمام.
  قوله أيده الله تعالى: (وفي مجرد الاتباع تفصيل) وحاصله أن من صلى خلف غيره، ولم ينو الائتمام به، ولكنه تابعه في أفعال صلاته، فإن كان المتقدم عدلاً ولم يكن من المتابع انتظارٌ له، وإنما اتفق ركوعهما وسجودهما ونحوهما، فإن ذلك لا يضر. ذكره في الزوائد عن صاحب المرشد(٥) وابن أصفهان(٦)، وإن وقع من المتابع انتظار للمتقدم في متابعته صحت صلاته عند أبي طالب.
  وعلى أصل المؤيد بالله احتمالان لعلي خليل: يحتمل أن لا تصح جماعة ولا فرادى لأجل الانتظار، ويحتمل أن لا تصح جماعة، وأما فرادى فتصح.
  وإن كان المتقدم غير عدل، وكانت متابعة المصلي خلفه له توهم الغير عدالته وصحة إمامته فسدت صلاة المصلي خلفه؛ لتلبيسه على الغير، وإن كانت لا توهم ذلك فإن كان
(١) سنن أبي داود ص ١٠٥ رقم (٥١٣)، كتاب الصلاة - باب ما يجب على المؤذن من تعاهد الوقت، وسنن الترمذي ص ٥٦ رقم (٢٠٧)، كتاب أبواب الصلاة - باب ما جاء أن الإمام ضامن والمؤذن مؤتم، وسنن ابن ماجة ص ١٤٤ رقم (٩٨١)، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها - باب ما يجب على الإمام، ومسند أحمد ٢/ ٢٣٢ رقم (٧١٦٩)، والمعجم الكبير ٨/ ٢٨٦ رقم (٨٠٩٧).
(٢) هكذا في الأصل، وفي (ج): إلا للفضل، البحر الزخار.
الانتصار ٣/ ٥٠٦، والمهذب ١/ ٣١٠، وروضة الطالبين ص ١٦٣ - ١٦٤.
(٣) قال توضأ رسول الله ÷ ووقف يصلي، فقمت فتوضأت وقمت عن يساره، فأخذ بيدي واقامني عن يمينه. البخاري ١/ ٢٤٧ رقم (٦٦٥)، كتاب الجماعة والإمامة.
(٤) بدائع الصنائع ١/ ١٢٨.
(٥) هو العلامة علي بن موسى المصري، فقيه مجتهد، له آراء ثاقبة، لم أقف على تاريخ وفاته. ينظر: طبقات الزيدية ٢/ ٨٠٧، ومطلع البدور ٣/ ٣٥٦.
(٦) علي بن أُصفهان الجيلي الديلمي، من كبار علماء الزيدية في القرن الخامس الهجري، حافظ لنصوص أئمة الزيدية، فقيه مسند، له الكفاية. ينظر: لوامع الأنوار ٢/ ٢٧، وطبقات الزيدية ٢/ ٧١٢، ومطلع البدور ٣/ ٢١٤.