باب: [صلاة الجماعة]
  وعن بعض الشافعية أن المؤتمين لا يحتاجون إلى تجديد نية الائتمام بالخليفة، بل النية الأولى كافية(١).
  فائدة: وكيفية الاستخلاف: أن يقول الإمام الأول: تقدم يا فلان فاخلفني، أو يقدمه بيده، ويندب أن يكون مشيه إلى الصف الذي يليه ويستخلف منه قهقرا(٢)؛ لئلا يظن المؤتمون أن صلاتهم قد بطلت؛ ولئلا يوقعهم في مكروه باستقبالهم لوجهه، فإن لم يمكن الاستخلاف إلا بأن يفعل الخليفة فعلًا كثيرًا، نحو أن يحدث الإمام في حال سجوده(٣)، قال(٤) في الغيث: الأقرب عندي في هذه الصورة أن الخليفة لا يتقدم بل يأمره الإمام أن يخلفه فينوي الإمامة وهو مكانه، ولا يضر كون المؤتمين(٥) عن يمينه وشماله، فإن ذلك يجوز للعذر. انتهى، وأما حيث كان الخليفة في آخر الصفوف، فيحتمل أن يعفى له عن المشي إلى مكان الإمام الأول؛ للعذر، كما يعفى عن الأفعال الكثرة في صلاة الخوف؛ للعذر. ويحتمل أن لا يجوز ذلك، فيستخلف على من أمكنه الائتمام [به](٦) من دون فعل كثير، فهو أقرب(٧).
  قوله أيده الله تعالى: (وينتظر المسبوق تسليمهم، إلا أن ينتظروا تسليمه) المعنى إذا لم يكن الخليفة دخل في الجماعة من أول الصلاة، بل كانوا قد سبقوه ببعض الصلاة، فإنه يجب عليه إذا قعدوا للتشهد الآخر أن يقعد معهم منتظرًا لتسليمهم قدر التشهد، فإن قام قبل ذلك بطلت صلاته، كما تبطل صلاة الإمام الأول لو ترك القعود، فإذا قعد الخليفة قدر التشهد الأخير فلم يسلموا قام، ووجب عليهم أن ينتظروا تسليمه، فإن سلموا ولم ينتظروه: فقال المهدي أحمد بن الحسين: تبطل صلاتهم. وقيل: في بطلانها نظر(٨). قيل: فإن لم يعلم الخليفة كم صلى الإمام قدم غيره، وكذا لو قدم متنفلا(٩)، وإنما جاز لهم الانتظار أو الخروج قبل الإمام لأنها حالة ضرورية، فأشبهت صلاة الخوف.
(١) روضة الطالبين ص ١٧٥.
(٢) في (ب، ج): القهقرى.
(٣) البحر الزخار ١/ ٣٣١ - ٣٣٢.
(٤) في (ب، ج): فقال في الغيث.
(٥) في الأصل: المؤتمون.
(٦) ما بين المعقوفتين سقط من (ب، ج).
(٧) الغيث المدرار، مخطوط.
(٨) شرح الأزهار ١/ ٣٠٨، والبحر الزخار ١/ ٣٣٢.
(٩) ذكره في منهج ابن معرف كما في شرح الأزهار ١/ ٣٠٩.