كتاب الصلاة
  وقال الشافعي في الأشهر، وهو مروي عن الناصر: لا يتحمل عنه في أيهما(١).
  وقال أبو حنيفة وأصحابه: يتحمل عنه فيهما(٢)، وقد تقدم.
  وعلى مذهبنا لو كانت جهرية للإمام سرية للمؤتم تحمل عنه، نحو أن يصلي الظهر خلف من يصلي الجمعة(٣). ولو سمع المؤتم قراءة الإمام في السرية لم يجتز بها؛ لأنه مخطٍ في ذلك(٤)، ولو سمع المؤتم جملة القراءة في الجهرية دون التفصيل، فقيل(٥): لا يجتزي بذلك. وقال الإمام يحيى: بل يجتزي به(٦).
  وحيث لم يسمع المؤتم جهر الإمام لكثرة الأصوات أجزاه على الأرجح؛ إذ هو مدرك للقراءة.
  وقيل (الفقيه علي): إن ذلك يجري مجرى البعد والصمم.
  ولو سمع آخر الفاتحة دون أولها لم يعتد بما سمع على الأرجح؛ لأن الترتيب واجب بين آي الفاتحة(٧). فأما لو سها المؤتم عن قراءة الإمام وغفل، فلم يشعر بجهره أجزاه ذلك على المذهب، وإذا أدرك اللاحق في ثالثة المغرب أو العشاء جهر بالقراءة على الأرجح؛ إذ لا منازعة حال إسرار الإمام(٨).
  وأراد المؤلف بنحو الصمم: البعد، والتأخر، وكثرة الأصوات؛ اختيارًا لما ذكره الفقيه علي دون ما رجحه الإمام في الغيث(٩).
(١) روضة الطالبين ص ١٠٩، والمهذب ١/ ٢٤٣، والناصريات ص ٢١٨.
(٢) ينظر: الحجة على أهل المدينة ١/ ١٠٦.
(٣) الغيث المدرار ١/ ٣٧٥.
(٤) قال في الغيث ١/ ٢٧٥: ويتفرع على مذهبنا فرعان: الأول: لو كانت جهرية للإمام سرية للمؤتم فإنه يتحمل عندنا، نحو أن يصلي الظهر خلف من يصلي الجمعة. الفرع الثاني: لو أدرك الإمام راكعا في الثانية من الجهرية، هل قد تحمل عنه الجهر، ولو لم يسمعه؟ قال: في الشرح كلامان في موضعين؛ ففي موضع قال: يتحمل عنه بالإجماع، وفي موضع قال: لا يتحمل، والأقرب أن هذا هو المعتمد.
(٥) القائل: الفقيه يحيى بن أحمد كما في الغيث ١/ ٣٧٥، وقد رمز له فوق القيل برمز «مد».
(٦) شرح الأزهار ١/ ٣١٢.
(٧) وهو الذي اختاره الإمام المهدي في الغيث ١/ ٣٧٦.
(٨) قال في الغيث ١/ ٣٧٦: لو جاء في ثالثة المغرب والعشاء هل يجهر؟ اختلف في ذلك: فحكي عن القاسم أنه يجهر، ولا منازعة حال إسرار الإمام، وإنما المنازعة حال الجهر، وعليه يدل تعليل الشرح، وهو مفهوم كلام اللمع، وقال أبو طالب: إذا أدركه في ثالثة المغرب فإنه يقرأ في نفسه، فأخذ من هذا أنه لا يجهر؛ لأنه لا تنازع. وينظر: البيان الشافي ١/ ٣١٩.
(٩) حيث قال بعد ذكر كلام الفقيه علي، وفيه نظر؛ لأنه مدرك للقراءة، لكن التبس عليه بأصوات غيره. الغيث ١/ ٣٧٦.