تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

باب: [سجود السهو]

صفحة 317 - الجزء 2

  حيث لم يقع إلا مجرد الشك: أما حيث يحصل له ظن بالنقصان فإنها تلزمه الإعادة، وحيث يحصل له ظن بالزيادة يستحب له السجود، كمن أدى الصلاة بالتحري.

  وأما حيث عرض له الشك قبل الفراغ: فالمذهب ما ذكره المؤلف أيده الله تعالى⁣(⁣١)، وهو قول جماعة من الصحابة والتابعين⁣(⁣٢)، فإذا كان⁣(⁣٣) شك في ركعة هل فعلها أو لا؟ نحو أن يشك في رباعية: هل صلى ثلاثا أو أربعا؟ فإن كان مبتدأ بالشك والغالب من حاله عدم حصول الشك معه - فالواجب عليه أن يستأنف الصلاة، ويحرم لها⁣(⁣٤).

  وعن بعض الحنفية لا يعيد تكبيرة الإحرام؛ لأنه لم يشك فيها⁣(⁣٥).

  قلنا: التكبيرة لا تراد لنفسها، فإذا بطل ما بعدها بطلت.

  وأما إذا كان ذلك الشاك مبتلى - وهو من يكون الغالب من حاله حصول الشك - فإن الواجب عليه أن يتحرى إذا كان يمكنه التحري، ومعنى التحري أن ينظر في الأمارات المفيدة للظن، فإن حصل له ظن بأنه قد صلى أربعا، - مثلا -⁣(⁣٦) عمل عليه، وإن غلب على ظنه النقصان أتم.

  والوجه في ذلك أنا لو أوجبنا عليه الإعادة كان في ذلك غاية الحرج؛ إذ يلزم إعادة الإعادة، ويتسلسل ذلك. وقد قال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}⁣(⁣٧).

  قوله أيده الله تعالى: (ومن لا يمكنه يبني على الأقل) المراد بمن⁣(⁣٨) لا يمكنه التحري: من عرف من نفسه أنه لا يفيده النظر في الأمارات ظَنًّا عند عروض الشك له، فالواجب عليه أن يبني على الأقل. فإذا شك: هل صلى ثلاثا أو أربعا؟ زاد ركعة؛ بناء على أنه لم يصل إلا ثلاثا، ونحو ذلك⁣(⁣٩).


(١) أي يعيد المبتدأ ويتحرى المبتلى. شرح الأزهار ١/ ٣٢٣، والتذكرة الفاخرة ص ١٢١.

(٢) هو مروي عن ابن عمر، وابن عباس، وابن عمرو، وعن الشعبي، وشريح، وعطاء، والأوزاعي، الانتصار ٣/ ٧٨٣.

(٣) في (ب، ج): فإذا شك في ركعة.

(٤) الانتصار ١/ ٧٨٠، وشرح الأزهار ١/ ٣٢٣.

(٥) وذهب أكثر الحنفية إلى أنه يستأنف تكبيرة الافتتاح. الانتصار ٣/ ٧٨٣.

(٦) في الأصل: مثله.

(٧) سورة الحج: ٧٨.

(٨) في (ج): المراد من لا يمكنه.

(٩) شرح الأزهار ١/ ٣٢٤، والتذكرة الفاخرة ص ١٢١، والانتصار ٣/ ٧٨٦.