باب: [سجود السهو]
  حيث لم يقع إلا مجرد الشك: أما حيث يحصل له ظن بالنقصان فإنها تلزمه الإعادة، وحيث يحصل له ظن بالزيادة يستحب له السجود، كمن أدى الصلاة بالتحري.
  وأما حيث عرض له الشك قبل الفراغ: فالمذهب ما ذكره المؤلف أيده الله تعالى(١)، وهو قول جماعة من الصحابة والتابعين(٢)، فإذا كان(٣) شك في ركعة هل فعلها أو لا؟ نحو أن يشك في رباعية: هل صلى ثلاثا أو أربعا؟ فإن كان مبتدأ بالشك والغالب من حاله عدم حصول الشك معه - فالواجب عليه أن يستأنف الصلاة، ويحرم لها(٤).
  وعن بعض الحنفية لا يعيد تكبيرة الإحرام؛ لأنه لم يشك فيها(٥).
  قلنا: التكبيرة لا تراد لنفسها، فإذا بطل ما بعدها بطلت.
  وأما إذا كان ذلك الشاك مبتلى - وهو من يكون الغالب من حاله حصول الشك - فإن الواجب عليه أن يتحرى إذا كان يمكنه التحري، ومعنى التحري أن ينظر في الأمارات المفيدة للظن، فإن حصل له ظن بأنه قد صلى أربعا، - مثلا -(٦) عمل عليه، وإن غلب على ظنه النقصان أتم.
  والوجه في ذلك أنا لو أوجبنا عليه الإعادة كان في ذلك غاية الحرج؛ إذ يلزم إعادة الإعادة، ويتسلسل ذلك. وقد قال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}(٧).
  قوله أيده الله تعالى: (ومن لا يمكنه يبني على الأقل) المراد بمن(٨) لا يمكنه التحري: من عرف من نفسه أنه لا يفيده النظر في الأمارات ظَنًّا عند عروض الشك له، فالواجب عليه أن يبني على الأقل. فإذا شك: هل صلى ثلاثا أو أربعا؟ زاد ركعة؛ بناء على أنه لم يصل إلا ثلاثا، ونحو ذلك(٩).
(١) أي يعيد المبتدأ ويتحرى المبتلى. شرح الأزهار ١/ ٣٢٣، والتذكرة الفاخرة ص ١٢١.
(٢) هو مروي عن ابن عمر، وابن عباس، وابن عمرو، وعن الشعبي، وشريح، وعطاء، والأوزاعي، الانتصار ٣/ ٧٨٣.
(٣) في (ب، ج): فإذا شك في ركعة.
(٤) الانتصار ١/ ٧٨٠، وشرح الأزهار ١/ ٣٢٣.
(٥) وذهب أكثر الحنفية إلى أنه يستأنف تكبيرة الافتتاح. الانتصار ٣/ ٧٨٣.
(٦) في الأصل: مثله.
(٧) سورة الحج: ٧٨.
(٨) في (ج): المراد من لا يمكنه.
(٩) شرح الأزهار ١/ ٣٢٤، والتذكرة الفاخرة ص ١٢١، والانتصار ٣/ ٧٨٦.