كتاب الصلاة
  قوله أيده الله تعالى: (ومن يمكنه ولم يُفِدْهُ في الحال يعيد) أي من يمكنه التحري في العادة الماضية، وهو من عرف من نفسه حصول الظن له عند النظر في الأمارات، لكنه تغيرت عادته في هذه الحالة(١)، ولم يفده النظر في الأمارة ظَنَّا، فحكمه حينئذ حكم المبتدأ بالشك، وهو أنه يعيد الصلاة التي شك في تمامها؛ لاشتراكهما في أن الغالب عليهما ارتفاع الشك في العادة(٢).
  واختلف في وقت التحري:
  فعند أبي العباس أنه فوري، فإن أخره عن الركن الذي وقع فيه الشك إلى ركن آخر بطلت الصلاة، وعند المؤيد بالله، والإمام يحيى: لا تبطل بذلك. والأول أظهر(٣).
  قوله أيده الله تعالى: (وفي ركن كالمبتلى) يعني أن الشك إذا لم يقع في ركعة كاملة، بل في ركن: [كركوع، أو سجود، أو نحوهما، فإن حكم المبتدأ في ذلك حكم المبتلى إذا شك في ركعة](٤) كاملة، وهو أن كلا منهما يجب عليه التحري، والعمل بظنه، كما تقدم، وإن كان لا يمكنه التحري بنى على الأقل، وإن كان يمكنه في العادة، ولكنه لم يفده ظنا في هذه الحال، فإنه يجب عليه الإعادة؛ ووجه الفرق المذكور بين الركعة والركن أن(٥) الشك في الركن كثيرا ما يعرض للمبتدأ كالمبتلى، فلو أوجبنا على المبتدأ الإعادة لذلك لزم الحرج كما تقدم، بخلاف الشك في الركعة الكاملة، فإن الشك فيها قليلا ما يعرض لغير المبتلى(٦).
  والوجه فيما اختاره أهل المذهب من التفصيل المذكور أنه قد ورد عن النبي ÷ [في هذا المعنى](٧) أخبار مختلفة، فحملوا كل خبر منها على ما يوافق القواعد المقررة؛ جمعا بين الأخبار، كما هو الواجب، فحملوا ما رواه في الشفاء وغيره عن النبي ÷
(١) في (ب، ج): الحال.
(٢) شرح الأزهار ١/ ٣٢٥، والتذكرة الفاخرة ص ١٢١، والانتصار ٣/ ٧٨٩.
(٣) الانتصار ٣/ ٧٩٥.
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من (ب).
(٥) في (ج): في أن الشك.
(٦) الانتصار ٣/ ٧٩٢، وشرح الأزهار ١/ ٣٢٥.
(٧) ما بين المعقوفتين سقط من (الأصل).