[قصر الصلاة]
  فمن الأخبار الوارد في ذلك ما رواه يعلى بن أمية(١) قال: قلت لعمر بن الخطاب: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا}(٢) فقد أمن الناس! فقال: عجبت مما عجبت منه، فسألت رسول الله ÷ عن ذلك؟ فقال: «صدقة تصدق الله بها عليكم، فاقبلوا صدقته». أخرجه مسلم وغيره(٣).
  وعن أنس قال: صليت مع رسول الله ÷ الظهر بالمدينة أربعًا، وخرج يريد مكة، فصلى العصر بذي الحليفة ركعتين. أخرجه البخاري ومسلم(٤)، وسيأتي غير ذلك.
  وقد اختلف في حكم القصر، وفي القدر الموجب له من مسافة السفر.
  أما حكمه: فالمذهب أنه واجب حتم(٥)، كما يفيده ظاهر عبارة الأثمار، وصريح
(١) يعلى بن أمية، ويقال: ابن مُنْيَة وهي أمه، أسلم يوم الفتح، وشهد الطائف وحنيناً وتبوك، استعمله عمر بن الخطاب على بعض اليمن، واستعمله عثمان على صنعاء، كان مع عائشة يوم الجمل ثم صار من أصحاب علي فقتل معه في صفين سنة ٣٧ هـ، وقيل: غير ذلك. قال الإمام علي فيه: أسرع الناس إلى الفتنة، تكلم عليه النفس الزكية # بما لا يقبل حديثه. ينظر لوامع الأنوار ٣/ ١٧٢، وأسد الغابة ٥/ ٤٨٦، وطبقات ابن سعد ٥/ ٤٥٦، والإصابة ٣/ ٦٣٠.
(٢) سورة النساء: ١٠١.
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب صلاة السفر - باب صلاة المسافرين وقصرها ص ٣٠٧ رقم (٦٨٦)، وأبو داود في سننه، كتاب صلاة المسافرين - باب صلاة المسافر ص ٢١١ رقم (١١٩٦)، وابن ماجة في سننه، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها - باب تقصير الصلاة في السفر ص ١٥٦ رقم (١٠٦٥)، والترمذي في سننه، كتاب تفسير القرآن عن رسول الله ÷ - باب ومن سورة النساء ٥/ ٢٢٧ رقم (٣٠٣٤)، والنسائي في سننه، كتاب تقصر الصلاة في السفر - باب تقصير الصلاة في السفر ص ٢٥١ رقم (١٤٣٢)، والبيهقي في سننه، كتاب جماع أبواب صلاة المسافر والجمع في السفر - باب رخصة القصر في كل سفر لا يكون معصية وإن كان المسافر آمنًا ٣/ ١٣٤ رقم (٥١٦١)، وأحمد في مسنده ١/ ٢٥ رقم (١٧٤)، وابن حبان في صحيحه، باب ذكر البيان بأن قوله ÷: (فاقبلوا صدقة الله (أراد به الصدقة التي هي الرخصة لمن أتى دون أن تكون صدقة حتم لا يجوز تعديها ٦/ ٤٤٩ رقم (٢٧٤٠).
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب أبواب تقصير الصلاة - باب يقصر إذا خرج عن موضعه ص ٢١٤ رقم (١٠٨٩)، ومسلم في صحيحه، كتاب صلاة المسافرين وقصرها ص ٣٠٨ رقم (٦٩٠)، وأبو داود في سننه، كتاب المناسك - باب وقت الإحرام ص ٣٠٧ رقم (١٧٧٠)، والنسائي في سننه، كتاب الصلاة - باب صلاة العصر في السفر ص ٨٣ رقم (٤٧٦)، والبيهقي في سننه، باب من قال: يهل إذا انبعثت به راحلته ٥/ ٣٨ رقم (٨٧٧٠)، وأحمد في مسنده ٣/ ١٧٧ رقم (١٢٨٤١).
(٥) كما هو قول الإمام علي، وابن عباس، وابن مسعود، وعمر، وابن عمر والباقر، وزيد بن علي، وأحمد بن عيسى، والقاسمية، وكما هو مذهب أبي حنيفة وأصحابه، ورواية عن مالك. ينظر: البحر الزخار ٢/ ٤١، =