تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

[شرح خطبة الأثمار]

صفحة 100 - الجزء 1

  والحق ما حققه مولانا الإمام عز نصره حيث قال: اختلف الناس في معاني الحمد: واختار المحققون أنه الثناء باللسان على الجميل الاختياري، فخرج «بالثناء» الوصف بالقبيح، وبقوله: «باللسان» باقي شعب الشكر، وبقوله: «على الجميل» إطلاق الثناء على الوصف بالقبيح على جهة المشاكلة أو التهكم. وبقوله: «الاختياري» ما لا اختيار للموصوف فيه كحسن الوجه، ورشاقة القد، فإن ذلك يسمى مدحًا لا حمدًا.

  وقوله: «الحمد لله» جملة اسمية من مبتدأ وخبر، وإنما جيء بها اسمية؛ لإفادة الثبوت والدوام. وقدم فيها الحمد؛ نظرًا إلى أنه أهم؛ لكون المقام مقام الحمد، وإن كان ذكر الله أهم بالنظر إلى ذاته ø، [وفي تقديمه أيضًا دلالة على اختصاص الحمد بالله عز وعلا]⁣(⁣١)، واللام فيه للاستغراق عند الأكثر، واختار الزمخشري كونها للجنس⁣(⁣٢).

  قال مولانا: واللام في «لله» للاختصاص أو للاستحقاق، فمعناهما⁣(⁣٣) الثناء على الله سبحانه بأن كل حمد مختص به، [أو بأن كل حمد مستحق له]⁣(⁣٤)، وبذلك يكون مختصًا به أيضا.

  قال أيده الله: ولا ينتقض ذلك بوجوب شكر المنعم من عبادِ الله تعالى؛ لأن [إنعام العباد راجع إلى الله تعالى]⁣(⁣٥)؛ إذ لم يكن إلاَّ بتمكينه وإقداره، وله الحمد. ولا يراد⁣(⁣٦) أن أفعالهم التي يستحقون بها الذم بتمكينه أيضًا، فيلزم رجوع الذم إليه جل وعلا؛ لأن إقدار المختار⁣(⁣٧) على الحسن إحسان، وعلى القبيح حسن فقط، لا سيما مع فعل⁣(⁣٨) الألطاف المقربة إلى الأفعال الحسنة المنفرة عن أضدادها، وكون الإحسان⁣(⁣٩) المقصود بالتكليف لا يتم إلا بالتمكين.

  قلت: وإنما يؤتى المكلف من جهة نفسه في إيثاره اختيار القبيح.


= الحكمة اليمانية - ط ١ (١٤١٥ هـ/١٩٩٥ م). وحاشية الشهاب ١/ ٧٣.

(١) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب).

(٢) الكشاف ١/ ٩.

(٣) في (ب، ج): فمعناها.

(٤) ما بين المعقوفتين في (ش) أو مستحق له.

(٥) في (ب): إنعام العباد راجعة إلى الله تعالى.

(٦) في (ج): ولا يرد.

(٧) في (ش): إقدار الفاعل المختار.

(٨) سقط من (ش) كلمة: فعل.

(٩) سقط من (ب، ج) كلمة: الإحسان.