تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

كتاب الصلاة

صفحة 459 - الجزء 2

  أنزل علينا الغيث، واجعل ما أنزلت لنا قوة وبلاغا إلى حين، ثم رفع يديه، فلم يترك الرفع حتى بدا بياض إبطيه، ثم حول إلى الناس ظهره، وقلب أو حول رداه وهو رافع يديه، ثم أقبل على الناس، ونزل فصلى ركعتين، فأنشأ الله تعالى سحابة فرعدت وأبرقت، ثم أمطرت بإذن الله، فلم يأت مسجده حتى سالت السيول، فلما رأى سرعتهم إلى الكن⁣(⁣١) ضحك حتى بدت نواجذه، فقال: «أشهد أن الله على كل شيء قدير، وأني عبد الله ورسوله». أخرجه أبو داود⁣(⁣٢). وقوى الإمام المهدي في البحر هذا القول، قال: وقول ابن عباس: لم يخطب، إن صح فليدل على عدم التأكيد. انتهى⁣(⁣٣).

  وقول المؤلف أيده الله تعالى: "لكن بتسليمين"⁣(⁣٤): معناه أنه يسلم على كل ركعتين تسليمتين⁣(⁣٥).

  وقوله: "في الجبانة" أي في ساحة البلد الذي أصابهم الجدب فيه؛ لحديث عائشة المذكور آنفا، ونحوه.

  والمستحب أن يقرأ في هذه الصلاة ما فيه تفاؤل بالسقيا، واستحسن الهادي أن يقرأ مع الفاتحة في الأولى النصر، وفي الثانية: {وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ}⁣(⁣٦) ... إلى قوله: {كُفُورًا ٥٠}⁣(⁣٧) (⁣٨) وعن الناصر: يقرأ نوحا⁣(⁣٩)، وعن الشافعي: في الأولى "ق"، وفي الثانية: القمر، كما في العيد⁣(⁣١٠)،


(١) الكنُّ: وقاء كل شيء وستره. القاموس ص ١١٣٢.

(٢) سنن أبي داود ص ٢٠٥، ٢٠٦ رقم (١١٧٠)، كتاب صلاة الاستسقاء - باب رفع اليدين في الاستسقاء، وسنن البيهقي ٣/ ٣٤٩ رقم (٦٢٠٢)، باب ذكر الأخبار التي تدل على أنه دعا أو خطب قبل الصلاة، وصحيح ابن حبان ٤/ ٤١٢ رقم (٩٩١)، باب في ذكر ما يدعو المرء به ثم وجود الجدب بالمسلمين، وقال في نصب الراية ٢/ ٢٤١: حديث غريب وإسناده جيد.

(٣) البحر الزخار ٢/ ٧٩.

(٤) في (ب): بتسليمتين.

(٥) في (ج): بتسليمتين، شرح نكت العبادات ص ٨٣.

(٦) سورة الفرقان: ٤٨.

(٧) سورة الفرقان: ٥٠.

(٨) المنتخب ص ٦١، والبحر الزخار ١٧٩.

(٩) البحر الزخار ٢/ ٧٩.

(١٠) روضة الطالبين ص ٢١٨، وقال بعض الأصحاب: يقرأ في إحداهما: {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا}⁣[نوح: ١]، وليكن في الثانية، وفي الأولى (ق)، ونص الشافعي أنه يقرأ فيهما ما يقرأ في العيد، وإن قرأ: {إِنَّا أَرْسَلْنَا} كان حسنا. المهذب ١/ ٤٠٧.