تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

[شرح خطبة الأثمار]

صفحة 106 - الجزء 1

  الحركة والسكون ثبت أنهما محدثان؛ لأن القديم لا يجوز عليه العدم؛ إذ هو قديم لذاته، والذات ثابتة⁣(⁣١) مستمرة، وإذا ثبت أنهما محدثان، وأن الجسم غير منفكٍ عن أحدهما - لزم ثبوته مثلهما، وإذا ثبت حدوثه لزم احتياجه إلى مُحْدِثٍ أحدثه⁣(⁣٢)؛ قياسًا على أفعالنا في احتياجها إلينا؛ لأجل حدوثها. فهاهنا: أصلٌ، وفرعٌ، وعلةٌ، وحكمٌ. فالأصل: المقيس عليه أفعالنا، والفرع: المقيس هي الأجسام⁣(⁣٣). والعلة الجامعة بينهما: هي الحدوث. والحكم: هو الاحتياج إلى مُحْدِث، فإذا كان الفرع: وهو الأجسام، قد شارك الأصل وهو أفعالنا، في العلة وهي: الحدوث - وجب أن يشاركها⁣(⁣٤) في الحكم، وهو الاحتياج إلى المحدِثِ؛ [وقد يستدل على ذلك أي على إثبات] الصانع⁣(⁣٥) بدليل آخر، وهو أن يقال: العالم حَدَثَ مع جواز أن لا يَحْدُث، فلا بُدَّ لَهُ من مُحْدِثٍ، وإلاَّ لم يكن بأن يحدث [أولى منه بأن لا يحدث]⁣(⁣٦)؛ والدليل على أنه حدث مع الجواز - أنه لو كان حدوثه مع الوجوب - لم يكن بأن يحدث في وقت [أولى من وقت]⁣(⁣٧) فيلزم قدمه. والمفروض حدوثه، وبأنه لو حدث مع الوجوب لكان جنسا واحدًا غير مختلِف، والمعلوم خلاف ذلك فإن بعضه حيوانٌ، وبعضه جمادٌ، وبعضه سماءٌ، وبعضه أرضٌ⁣(⁣٨)، وبعضه إنسانٌ، وبعضه بهيمة، إلى غير ذلك - فعلم أنه لا بد من أمرٍ لأجله حدث في وقت دون وقت، وعلى صفة دون صفة، [وهو المطلوب. فهذا هو الكلام في إثبات صانع العالم ø(⁣٩)، وهو الذي أشار إليه الإمام عز نصره]⁣(⁣١٠) بقوله: دل بالفروع على الأصول، وسيأتي الكلام فيما يستحقه تعالى من الصفات.


(١) في (ش): وذاته ثابتة.

(٢) في (ج، ب): مثبت أحدثه.

(٣) في (ب): الأجسام والأعراض.

(٤) في (ب، ج): يشارك.

(٥) في (ش): وقد يستدل على إثبات

(٦) في (ش): أولى من أن لا يحدث.

(٧) في (ش): أولى من أن يحدث في وقت آخر فيلزم.

(٨) في (ش) زيادة: وبعضه نبات.

(٩) وهو مذهب جميع فرق الإسلام، وأكثر أهل الكتاب، والخلاف فيه مع الدهرية، والطبائعية والملاحدة. ينظر: شرح الثلاثين المسألة، تأليف: أحمد بن يحيى حابس الصعدي سنة ١٠٦١ هـ، تحقيق: حسن بن يحيى اليوسفي - طبعة دار الحكمة اليمانية - ط ١ (١٤٢٠ هـ/٢٠٠٠ م) ص ٦٠.

(١٠) ما بين المعقوفتين في (ش)، وليس ذلك إلاَّ الفاعل المختار ø، وهو الذي أراده الإمام بقوله. وفي (ج): وهو الفاعل المختار وهو المطلوب.