[شرح خطبة الأثمار]
  الحركة والسكون ثبت أنهما محدثان؛ لأن القديم لا يجوز عليه العدم؛ إذ هو قديم لذاته، والذات ثابتة(١) مستمرة، وإذا ثبت أنهما محدثان، وأن الجسم غير منفكٍ عن أحدهما - لزم ثبوته مثلهما، وإذا ثبت حدوثه لزم احتياجه إلى مُحْدِثٍ أحدثه(٢)؛ قياسًا على أفعالنا في احتياجها إلينا؛ لأجل حدوثها. فهاهنا: أصلٌ، وفرعٌ، وعلةٌ، وحكمٌ. فالأصل: المقيس عليه أفعالنا، والفرع: المقيس هي الأجسام(٣). والعلة الجامعة بينهما: هي الحدوث. والحكم: هو الاحتياج إلى مُحْدِث، فإذا كان الفرع: وهو الأجسام، قد شارك الأصل وهو أفعالنا، في العلة وهي: الحدوث - وجب أن يشاركها(٤) في الحكم، وهو الاحتياج إلى المحدِثِ؛ [وقد يستدل على ذلك أي على إثبات] الصانع(٥) بدليل آخر، وهو أن يقال: العالم حَدَثَ مع جواز أن لا يَحْدُث، فلا بُدَّ لَهُ من مُحْدِثٍ، وإلاَّ لم يكن بأن يحدث [أولى منه بأن لا يحدث](٦)؛ والدليل على أنه حدث مع الجواز - أنه لو كان حدوثه مع الوجوب - لم يكن بأن يحدث في وقت [أولى من وقت](٧) فيلزم قدمه. والمفروض حدوثه، وبأنه لو حدث مع الوجوب لكان جنسا واحدًا غير مختلِف، والمعلوم خلاف ذلك فإن بعضه حيوانٌ، وبعضه جمادٌ، وبعضه سماءٌ، وبعضه أرضٌ(٨)، وبعضه إنسانٌ، وبعضه بهيمة، إلى غير ذلك - فعلم أنه لا بد من أمرٍ لأجله حدث في وقت دون وقت، وعلى صفة دون صفة، [وهو المطلوب. فهذا هو الكلام في إثبات صانع العالم ø(٩)، وهو الذي أشار إليه الإمام عز نصره](١٠) بقوله: دل بالفروع على الأصول، وسيأتي الكلام فيما يستحقه تعالى من الصفات.
(١) في (ش): وذاته ثابتة.
(٢) في (ج، ب): مثبت أحدثه.
(٣) في (ب): الأجسام والأعراض.
(٤) في (ب، ج): يشارك.
(٥) في (ش): وقد يستدل على إثبات
(٦) في (ش): أولى من أن لا يحدث.
(٧) في (ش): أولى من أن يحدث في وقت آخر فيلزم.
(٨) في (ش) زيادة: وبعضه نبات.
(٩) وهو مذهب جميع فرق الإسلام، وأكثر أهل الكتاب، والخلاف فيه مع الدهرية، والطبائعية والملاحدة. ينظر: شرح الثلاثين المسألة، تأليف: أحمد بن يحيى حابس الصعدي سنة ١٠٦١ هـ، تحقيق: حسن بن يحيى اليوسفي - طبعة دار الحكمة اليمانية - ط ١ (١٤٢٠ هـ/٢٠٠٠ م) ص ٦٠.
(١٠) ما بين المعقوفتين في (ش)، وليس ذلك إلاَّ الفاعل المختار ø، وهو الذي أراده الإمام بقوله. وفي (ج): وهو الفاعل المختار وهو المطلوب.