[الإيصال بالمسموع إلى المعقول]
  وأما قوله أيده الله تعالى: كما دل بالأصول على الفروع، فأراد بالأصول: الأدلة الشرعية التي هي: الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس. وأراد بالفروع: المسائل الفقهية التي تؤخذ أحكامها من الأدلة المذكورة بالاجتهاد، والأحكام المذكورة هي: الوجوب، والندب، والحظر، والكراهة، والإباحة، وما يتصل بذلك، ويتفرع عنه.
[الإيصال بالمسموع إلى المعقول]
  قوله أيده الله تعالى: (وأوْصَلَ بالمسموع إلى المعقول، كما أوصل بالمعقول إلى المسموع): هذه الفقرة الشريفة كالأولى في العكس والتبديل، وإيهام التناقض.
  وأراد الإمام أيده الله بنصره بالإيصال بالمسموع إلى المعقول الإشارة إلى ما يصح الاستدلال عليه بالسمع من مسائل أصول الدين: وهو كل ما لا يتوقف صحة السمع [على العلم به](١)، كمسألة نفي الثاني، ونفي صحة الرؤية، وكونه مدركًا، ومريدًا، وكارهًا، ونحو ذلك [مما يوصل](٢) إلى معرفته تارة بالعقل وتارة بالسمع، وذلك لأن المطالب على(٣) ثلاثة أقسام:
  أحدها: ما لا يصح الاستدلال عليه بالسمع، وهو كل ما يتوقف العلم بصحة السمع على العلم بصحته، كمسألة إثبات الصانع، وصفاته الأربع الذاتية، وعدله، وصدق رسله.
  وثانيها: ما لا يصح الاستدلال عليه إلاَّ بالسمع، كمعرفة المبدأ، والمعاد(٤)، والملائكة، والعرش، والكرسي، ونحو ذلك مما لا طريق للعقل إلى العلم به.
  وثالثها: ما يصح الوصول إلى معرفته بالعقل وبالسمع، وهو ما تقدم ذكره، كمسألة نفي الثاني ونحوهما مما لا يتوقف [صحة السمع](٥) على العلم بصحته(٦).
  وأما الإيصال بالمعقول إلى المسموع: فالمراد بذلك مسائل أصول الدين الثابتة بالأدلة العقلية الموصلة إلى العلم بصحة ما جاءت به الأنبياء $ من
(١) في (ش): على صحته وذلك.
(٢) في (ش): ما يمكن الوصول.
(٣) ساقط من (ب): على.
(٤) في (ش): والمعاد الجنة والنار.
(٥) في (ش): العلم بصحة السمع.
(٦) ينظر في تفصيل طرق الاستدلال كتاب شرح الأساس الكبير ١/ ٢١٣.