تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

[ما يستحب للمريض حال مرضه]

صفحة 490 - الجزء 2

  قوله أيده الله تعالى: (وتوبة، وتذكرُ تخلصٍ، ووصيةٌ) أي وندب أيضا لكل أن يتعاهد نفسه بتجديد التوبة، مع استحضار موجبها، واعتقاد وجوبها، والتحرز من نقضها.

  وحقيقة التوبة: هي الندم على ما أخل به من الواجب؛ لوجوبه، وعلى ما فعله من القبيح لقبحه، والعزم على أن لا يعود إلى شي من ذلك كذلك، وأن يتذكر التخلص عما عليه من الحقوق والمظالم، وأن يوصي⁣(⁣١)، كما سيأتي في الوصايا.

  وإنما تكون هذه الأمور مندوبة حيث لا يعلم أن عليه شيئا من موجباتها، وهو مراد المؤلف أيده الله تعالى. وأما ما تيقنه فإنه يجب عليه التخلص عنه فوراً، والإيصاء بما عجز عنه.

  قوله أيده الله تعالى: (كيف بمريض⁣(⁣٢)؟! فيتضيق عليه كل واجب ويوصي للعجز).

  قال في الشرح: يعني إذا كان يندب لكل من الأصحاء أن يتعاهد نفسه بما هو أبلغ الألطاف الباعثة على فعل الطاعات، واجتناب المقبحات، من ذكر هاذم اللذات، ومفرق الجماعات، وهو الموت الذي لا شك في نزوله، ولا ريب في عمومه لكل حيوان وحصوله، فكيف لمن قد هجم عليه⁣(⁣٣) رايد الموت، وبَغَتَتْهُ أسباب الزوال والفوت - وهو المريض الذي لا ينفذ من تصرفاته إلا الثلث من تركاته - لا يجعل الموت نصب عينه⁣(⁣٤)، فيخرج من جميع ما الخروج عنه واجب عليه، من التوبة النصوح، الساترة من أنواع الفضوح، وتصيير الحقوق المالية مع التمكن إلى أربابها، وإلا فالوصية بها مع العجز عن تنفيذها. انتهى بلفظه⁣(⁣٥).

  قوله أيده الله: (وندب غالباً أن يذكر ويلقن [غالبا]⁣(⁣٦)) اعلم أن من المندوبات التي وردت الأحاديث الصحيحة ونحوها بالترغيب فيها والحث عليها: عيادة المريض المسلم، وتذكيره، وأمره بالصبر، وترك الشكوى إلى غير الله، والتداوي، وترك تمني الموت،


(١) ينظر شرح الأزهار ١/ ٣٩٩، والتذكرة الفاخرة ص ١٤٣.

(٢) في (ب): كيف لمرض.

(٣) في الأصل: هجم على رايد الموت.

(٤) في (ب): نصب عينيه.

(٥) شرح الأثمار، للإمام شرف الدين (مخطوط).

(٦) ما بين المعقوفتين سقط من (ب، ج).