[الإيصال بالمسموع إلى المعقول]
  الشرائع، وفيما ذكره الإمام أيده الله ونصره إشارة إلى ما يجب على طالب الفوز والنجاة من استعمال أدلة العقل والشرع؛ [إذ كل واحد](١) منهما معتضد بالآخر، ومفتقر إليه، فحكم الشرع [لا يظهر إلا بشهود العقل](٢) وقضاء العقل لا ينفذ غالبًا إلا بشاهد الشرع، ولذلك يقال: العقل شرع من داخل، والشرع عقل من خارج، ويقال: إن العقل بمنزلة البصر، والشرع بمنزلة الشمس، [فمن اجتمعا له](٣) فاز واهتدى، ومن فقدهما(٤) أو أحدهما ضل وغوى. فالناس على أربعة أقسام:
  منهم: من هو بمنزلة صحيح البصر والشمس طالعة عليه(٥)، وهم المحققون المجتهدون من علماء الإسلام الجامعون بين المعقول والمنقول(٦).
  ومنهم: من هو بمنزلة صحيح البصر، ولكنه في ظلمات بعضها فوق بعض فلم ينتفع ببصره، وهؤلاء هم الفلاسفة - أبعدهم الله - فإنهم لم ينتفعوا بعقولهم؛ [إذ لم](٧) تطلع في أقطارهم شمس الشريعة؛ لعدم إيمانهم بها.
  ومنهم: من هو بمنزلة الأعمى والشمس عليه طالعة، وهم المقتصرون على التقليد النافون لوجوب النظر من المسلمين(٨)، ولذلك يقال: المقلد كمن خُلِقَ له عينان فأطبقهما وانخرط في سلك العميان.
  والقسم الرابع: هم المقلدون من [فرق الضلالة](٩) الخارجين عن الإسلام، فإنهم بمنزلة العميان في الظلمات؛ إذ لم يستعملوا عقولهم ولا طلعت شمس الشريعة في أقطارهم.
(١) في (ش): لأن كل واحد.
(٢) في (ش): لا يثبت إلاَّ بشاهد العقل.
(٣) في (ش): فمن استعملهما.
(٤) في (ش): ومن أهملهما.
(٥) في (ب، ج): والشمس عليه طالعة.
(٦) في (ش): بين علمي المعقول والمنقول.
(٧) في (ش): لما لم.
(٨) قصد المؤلف المقلد في أصول الدين، وقد جوز التقليد فيها العنبري، وأكثر أهل الحديث. وقد جوزه أبو إسحاق بن عياش للعوام والعبيد والمهملين لطرائق النظر. وذهب الإمام يحيى بن حمزة والبلخي إلى أن مقلد المحق ناج. ينظر: شرح الأساس، تأليف أحمد بن صلاح الشرفي ١/ ٢٠٦.
(٩) في (ش): لأسلافهم ورؤسائهم من فرق.