تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

كتاب الجنائز

صفحة 496 - الجزء 2

  وإن كان مذهبه التراخي فهذا الوقت نهاية جواز التراخي⁣(⁣١)، فإن ترك التخلص في الحال مع التمكن منه فهو عاص، وإن كان لا يتمكن من التخلص في الحال لزمه أن يوصي بذلك إلى ثقة⁣(⁣٢)، ويُشْهِدُ على وصيته، بحيث يغلب على ظنه أنه يتم تنفيذ ما أوصى به⁣(⁣٣)، وكذلك يأمره بالصلاة في أوقاتها، ويعينه على فعل ما حضر وقته منها، ويعلمه أنه لا يجوز له أن يفعل الأدنى مع التمكن من الأعلى⁣(⁣٤).

  قيل: ويلقنه أدله التوحيد، والعدل، حيث لا يكون عالماً بها⁣(⁣٥).

  وقول المؤلف أيده الله تعالى: "غالباً" احتراز من طرد وعكس.

  أما الطرد⁣(⁣٦) فحيث يكون المريض من أهل المعرفة ولم يعتره ذهول، وعرف أنّ في تذكيره لما ذكر إيغاراً لصدره وهدماً لقلبه؛ لما فيه من إيهام تجهيله ونسبته إلى الإخلال بما هو واجب عليه، أو كان يؤدي تذكيره إلى فعل منكر، أو إخلال بواجب آخر، أو غير ذلك، ففي نحو هذه الحاله لا يجوز تذكيره؛ لما ذكر.

  وأما العكس⁣(⁣٧) فحيث يتحقق أن عليه شيئا مما ذكر، وتكاملت شرائط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإن تذكيره في هذه الحالة واجب لا مندوب. والله أعلم.

  قوله أيده الله (ثم يوجه محتضرٌ مستلقياً القبلة⁣(⁣٨)) المراد بالمحتضر من حضره الموت، ويعرف ذلك بظهور أماراته من ميل أنف، وانخساف صدغ، وانخلاع كف، وسقوط قدم، وتقلص شفة، ونحو ذلك فيوجه إلى القبلة مستلقيا على ظهره، ويرفع رأسه قليلاً؛ ليكون وجهه وقدماه إليها كالقائم.


(١) وذهب أبو علي، وابنه أبو هاشم، وأكثر الشافعية، ونصره الباقلاني، والرازي إلى أن الأمر يقتضي التراخي، وتوقف الجويني في ذلك. ينظر: المعتمد لأبي الحسين البصري ١/ ١١١، وأصول الفقه للمقدسي ٢/ ٦٨٠، والإحكام للآمدي ٢/ ١٩٢، والبرهان للجويني ١/ ٢٣٢، وأصول الفقه للسرخسي ١/ ٢٦، وصوفة الاختيار ص ٧٥.

(٢) شرح الأزهار ١/ ٤٠١.

(٣) قال في هامش شرح الأزهار: لا يجب الإشهاد إلا إذا عرف أن الوصي لا يفعل ذلك.

(٤) ينظر: التذكرة الفاخرة ص ١٤٣.

(٥) قال في التذكرة الفاخرة ص ١٤٣: ويقرر عنده التوحيد والعدل.

(٦) الطرد: ما يوجب الحكم لوجود العلة وهو التلازم والثبوت. التعريفات ص ٢٣٠.

(٧) العكس في اصطلاح الفقهاء: عبارة عن تعليق نقيض الحكم المذكور بنقيض علته المذكورة. التعريفات ص ٢٥٠.

(٨) في (ج): مستلقيا إلى القبلة.