[النعي والبكاء على الميت]
  قال أبو طالب: وكذلك صاحب السكتة، وهو المستعجم؛ لأن هؤلاء قد يلتبس حالهم بحال الموتى ثم يفيقون(١). قيل (الفقيه علي): فلو لم يتثبت في أمرهم فلا ضمان؛ لأن الظاهر الموت، والحياة مجوزة، وكذا في الروضة(٢)، قال: لأن الأصل براءة الذمة(٣)، وكما(٤) قالوا في لسان الطفل إذا قطع: لا يجب فيه إلا حكومة(٥).
  وفيمن ضرب بما لا يجرح، وهو ملفوف فوجد ميتًا لا ضمان، ولا يقال: الأصل الحياة. ذكر ذلك في الغيث(٦).
[النعي والبكاء على الميت]
  قوله أيده الله تعالى: (وجاز مجرد بكاء وإيذان) أما جواز البكاء على الميت، فلما صح عن النبي ÷ من بكائه يوم مات ابنه إبراهيم(٧).
  ومن ذلك ما أخرجه البخاري، ومسلم، وغيرهما من حديث أنس، أن رسول الله ÷ دخل عليه وهو يجود بنفسه، فجعلت عينا رسول الله ÷ تذرفان، فقال عبد الرحمن بن عوف: وأنت يا رسول الله؟! فقال: «يا ابن عوف، إنها رحمة(٨) ثم أتبعها بأخرى»، وقال: «إن العين تدمع، والقلب يخشع، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون». وفي ذلك روايات أخر.
(١) التحرير ١/ ١٢٣.
(٢) روضة الطالبين ص ٢٢١.
(٣) شرح الأزهار ١/ ٤٠٢.
(٤) في (ب): وكذا.
(٥) قال في روضة الطالبين ص ١٦٥: لو قطع لسان طفل نظر، إن نطق بـ بابا ودادا ونحوهما، أو كان يحرك عند البكاء والضحك والامتصاص تحريكا صحيحا وجب الدية ... وإن لم يوجد نطق وتحريك ... فالواجب حكومة، وإلا فالمذهب وجوب الدية أخذًا بظاهر السلامة. ونقل الإمام عن الأصحاب أن الواجب الحكومة.
(٦) شرح الأزهار ١/ ٤٠٢.
(٧) صحيح البخاري ١/ ٤٣٩ رقم (١٢٤١)، كتاب الجنائز - باب قول النبي ÷: «إنا بك لمحزونون»، وصحيح مسلم ٤/ ١٨٠٧ رقم (٢٣١٥)، كتاب الجنائز - باب رحمته بالعيال وتواضعه وفضل ذلك، وسنن أبي داود ص ٥٣٩ رقم (٣١٢٤)، كتاب الجنائز - باب البكاء على الميت، وسنن ابن ماجة ص ٢٣٤ رقم (١٥٨٩)، كتاب الجنائز - باب ما جاء في البكاء على الميت، ومسند أحمد بن حنبل ٣/ ١٩٤ رقم (١٣٠٣٧).
(٨) في (ج): إنما هي رحمة.