كتاب الجنائز
  فلا، ومثله في التقرير عن أبي طالب، وذكر أبو جعفر للناصر: أنه إن عاش ثلاثة أيام غسل، وإلا فلا؛ والوجه في هذه الفروق احتمال أن يكون مات بغير الجارح(١)؛ والأصل وجوب الغسل(٢).
  وعن الشافعي: لا يغسل إن مات قبل تقضي الحرب، وإن أكل وشرب؛ إذ هو كالحاضر؛ لمشاركته فيما غنموا(٣).
  وعن أبي حنيفة وصاحبيه: إن مات قبل الارتثاث فشهيد، وإلا غسل.
  قال الكرخي: والارتثاث: أن يحمل ويأكل أو يشرب أو يوصي أو يصلي أو يبقى في المعركة يوما وليلة حيًّا يعقل أو مضى عليه وقت صلاة وتلزمه(٤).
  قلنا: التعليل بما ذكرناه أولى؛ إذ هو سبب الموت، ولا حكم لتقضي الحرب والارتثاث.
  مسألة: وقد شملت عبارة الأثمار من استشهد وهو جنب؛ فإنه لا يغسل؛ لعموم الدليل.
  وعن المنصور، وأبي حنيفة: يغسل(٥)؛ لغسل(٦) الملائكة حنظلة بن الراهب(٧) لما استشهد يوم أحد وهو جنب.
  قلنا: فعل الملائكة لا يلزمنا، قالوا: لا يسقط وجوب غسل الجنابة بالقتل. قلنا: بل يسقط كالصلاة.
  قلت: وقصة حنظلة المذكور مذكورة مستوفاة في السيرة(٨). وقد ذكرها في التلخيص ونسب روايتها إلى ابن حبان، والحاكم، والبيهقي. وحاصلها: أن حنظلة المذكور لما قتل يوم
(١) في (ب، ج): الجراحة. وأشار لها في الأصل: بـ نخ.
(٢) شرح الأزهار ١/ ٤٠٦، والتذكرة الفاخرة ص ١٤٥، والبحر الزخار ٢/ ٩٣.
(٣) روضة الطالبين ص ٢٢٩، وهو قول مالك، والحنابلة. ينظر: عيون المجالس ١/ ٤٥٦، والمغني ٢/ ٣٣٤.
(٤) بدائع الصنائع ١/ ٣٢١.
(٥) بدائع الصنائع ١/ ٣٢٢، والجامع الصغير ص ١٢٠، والهداية ١/ ١١٤، وشرح الأزهار ٣/ ٤٠٧.
(٦) في (ج): كغسل الملائكة.
(٧) هو حنظلة بن أبي عامر الأنصاري الأوسي، كان أبوه يعرف بالراهب في الجاهلية، وحنظلة هو المعروف بغسيل الملاكة، قتله أبو سفيان يوم أحد، وقيل: قتله شداد بن الأسود. أسد الغابة ٢/ ٨٥ رقم (١٢٨١)، والإصابة ١/ ٣٦٠ رقم (١٨٦٣).
(٨) السيرة النبوية لابن هشام ٣/ ٧٩، والمغازي للواقدي ٢/ ٢٧٣.