تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

[مسائل العدل]

صفحة 114 - الجزء 1

  ودليل المقابلة⁣(⁣١) المعروفين، وذلك باطل قطعًا؛ لاستلزامه الحدوث كما مر.

  ومنها: أنه تعالى غني؛ لأن حقيقة الغني في اصطلاح المتكلمين: هو الحي الذي ليس بمحتاج، وهو تعالى كذلك: أما كونه حيًّا فقد تقدم، وأما كونه غير محتاج؛ فلأن الحاجة إنما تجوز على من تجوز عليه الزيادة والنقصان، والنفع والضرر، وذلك من خصائص الأجسام، وقد ثبت أنه تعالى ليس بجسم، فهذه أمهات مسائل التوحيد الإثباتية والسلبية، وما سواهما فهو متفرع عنها، وهو قليل.

[مسائل العدل]

  أما مسائل العدل: فمنها: أنه تعالى لا يفعل القبيح، ولا يخلُّ بالواجب، وأفعاله كلها حسنة؛ والدليل على ذلك أنه تعالى عالم بقبح القبيح، وغني عن فعله، وعالِمٌ باستغنائه عنه، ومن كان كذلك فإنه لا يقدم على فعل القبيح، ولا على الإخلال بواجبٍ؛ إذ لا داعي له إلى ذلك، [ومثل ذلك]⁣(⁣٢) معلوم الشاهد. أما أنه عالم بقبح القبيح وباستغنائه عنه؛ فَلِمَا تقدم من كونه تعالى عالمًا بجميع أعيان المعلومات، وأما كونه غنيًّا عن فعله: فَلِمَا مر أيضا من أنه لا تجوز عليه الحاجة.

  وأما كونه تعالى لا يخل بالواجب؛ فلأنَّ ذلك يستلزم فعله للقبيح تعالى عن ذلك علوًا كبيرا، وبيانه أن الواجبات على الباري ø ستة أمور، وهي: التمكين للمكلفين، واللطف للمُتَعَبَّدِينَ، والإثابة للمطيعين، وقبول توبة التآئبين، والعوض للمؤلَّمين، والانتصاف للمظلومين⁣(⁣٣).


= الثلاثة للمرئيات، وهي: سلامة الحاسة، وارتفاع الموانع، ووجود الإدراك. انظر: الإصباح على المصباح في معرفة الملك الفتاح ص ٦٨. تأليف الإمام الناصر لدين الله إبراهيم بن محمد بن أحمد المؤيدي، تحقيق: السيد عبد الرحمن بن حسين شايم - مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية - ط ١ (١٤٢٢ هـ/٢٠٠٢ م).

(١) دليل المقابلة: أن يقال: الواحد منا إنما يرى بالشعاع، والرائي بالشعاع إنما يرى ما كان متحيزًا أو مختصا بجهة يتصل بها الشعاع، فلو صحت رؤيته لكان متحيزًا أو لاختص بجهةٍ يختص بها الشعاع، وذلك باطل في حقه تعالى. انظر: الإصباح على المصباح في معرفة الملك الفتاح ص ٦٨.

(٢) في (ب، ج): مثله.

(٣) هذا هو قول المعتزلة وغيرهم. وأضاف بعضهم: نصرة المظلومين، والبعثة للمستحقين. وقال بعضهم: بل بعضها يجب عليه تعالى، كبشر بن المعتمر ومتابعيه: أنه لا يجب على الله تعالى إلا التمكين. وذهب محققوا الأشعرية كالجويني، والغزالي: إلى أنه لا يجب على الله واجب أصلا لا ابتداء ولا لأجل سبب آخر. ينظر: عدة =