تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

فصل: [حكم صلاة الجنازة]

صفحة 556 - الجزء 2

  على كل مسلم، برا كان أو فاجرا، وإن عمل الكبائر»⁣(⁣١) انتهى. يعني صلاة الجنازة.

[الصلاة على القبر]

  وقوله: "قبل الدفن" معناه أن الصلاة إنما شرعت على الميت قبل دفنه، فإن دفن قبل أن يصلى عليه⁣(⁣٢)، أو بعد أن صلي عليه صحيحة أو غيرها، فإن الصلاة لا تصح عليه بعد ذلك عند العترة جميعا⁣(⁣٣)؛ لما روي في الشفاء وغيره عن علي قال: صلى بنا رسول الله ÷ على جنازة، فلما فرغنا من دفنها جاء رجل، فقال: يا رسول الله، إني لم أدرك الصلاة، أفأصلي على القبر؟ قال: «لا، ولكن قم على قبر أخيك وترحم عليه، واستغفر له»⁣(⁣٤).

  وعند الشافعي⁣(⁣٥)، ومالك، وغيرهما: تصح الصلاة بعد الدفن⁣(⁣٦)؛ لما روي أنه ÷ صلى على قبر البراء بن معرور بعد موته⁣(⁣٧) بشهر. نسبه في التلخيص إلى البيهقي. وصلى كذلك على قبر أم سعد بن عبادة بعد موتها بشهر. أخرجه الترمذي⁣(⁣٨).


(١) سنن أبي داود ص ١١٧ رقم (٥٩٠)، كتاب الصلاة - باب إمامة البر والفاجر، وسنن البيهقي ٨/ ١٨٥ رقم (٣٦)، في باب المقتول من أهل البغي، والفردوس بمأثور الخطاب ٢/ ٢٢ رقم (٢٦٣٨).

(٢) ذهب أبو العباس الحسني إلى أنه إذا لم يكن قد صلى عليه أحد صحت على القبر. شرح الأزهار ١/ ٤٤١.

(٣) أصول الأحكام ١/ ٢٠٩، وشرح الأزهار ١/ ٤٤١، والتحرير ١/ ١٢٩، وهو قول مالك في رواية، وأبي حنيفة، والثوري، والحسن بن حي. ينظر: مختصر الطحاوي ص ٤٢، وعيون المجالس ١/ ٤٦٣، ومختصر اختلاف العلماء ١/ ٣٩٤.

(٤) رواه الإمام زيد في مجموعه ص ١٧٤، والإمام أحمد بن عيسى في أماليه ٢/ ٨٥٢ رقم (١٣٩٠)، وشفاء الأوام ١/ ٣٠٥.

(٥) عند الشافعية: تجوز الصلاة على القبر على أربعة أوجه: الأول: إلى شهر. والثاني: يصلى عليه ما لم يبل. والثالث: يصلى عليه من كان من أهل الفرض عند موته؛ لأنه من أهل الخطاب بالصلاة عليه. الرابع: أنه يصلى عليه أبدا. ينظر: المهذب ١/ ٤٣٩، وروضة الطالبين ص ٢٣٤.

(٦) الأم ٣/ ٣٨٤، وروضة الطالبين ص ٢٣٤، والمهذب ١/ ٤٣٩، والحاوي ٣/ ٢٢٥، وهو مذهب الحنابلة، إلا أنهم حددوا ذلك بشهر. ينظر: الشرح الكبير مع المغني ٢/ ٣٥٣، والإنصاف ٢/ ٥٣١. أما مالك فقد روى عنه ابن وهب جوازه. وري عنه أنه لا يصلى على القبر بعد أن صلى على الجنازة. عيون المجالس ١/ ٤٦٣.

(٧) سنن البيهقي ٣/ ٣٨٤ رقم (٦٣٩٦)، كتاب الجنائز - باب ما يستحب من توجيه نحو القبلة، والمستدرك على الصحيحين ١/ ٥٠٥ رقم (١٣٠٥)، كتاب الجنائز، قال في نصب الراية ٢/ ٢٥١: حديث صحيح.

(٨) سنن الترمذي ص ٢٤٢ رقم (١٠٣)، كتاب أبواب الجنائز - باب ما جاء في الصلاة على القبر، وقال: حديث ضعيف، وسنن البيهقي ٤/ ٤٨ رقم (٦٨١٢)، باب الصلاة على القبر بعد ما يدفن الميت، ومصنف ابن أبي شيبة ٣/ ٤١ رقم (١١٩٣٥).