تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

[شرح خطبة الأثمار]

صفحة 117 - الجزء 1

  لذاته، ومن لازم كل قادرين صحة اختلاف مراديهما وإن منعت الحكمة من وقوع ذلك - فيلزم صحة أن يريد أحدهما إيجاد حركة في جسمٍ حال أن يريد الآخر إيجادها بعينها في جسم آخر، وحينئذٍ فإما أن يوجد مراداهما كليهما - فيلزم صحة أن تحل الحركة الواحدة في محلين، وذلك محال، وإما أن لا يوجد مراداهما، فيلزم خروج القادر للذات عن كونه قادرًا، وذلك محال، وإما أن يوجد مراد أحدهما دون الآخر، وفيه خروج الذي لم يوجد مراده عن كونه قادرًا لذاته، والمفروض أنه قادر لذاته، وذلك أيضًا محال، وما أدى إلى المحال فهو محال.

  وقول الإمام أيده الله: شهادة طالعة من أفق ... إلى آخر - فيه استعارة بالكناية، واستعارة تخييلية. أما الاستعارة بالكناية فحيث شبه الشهادة بالنيِّر تشبيها مضمرًا في النفس، ولم يذكر من أركان التشبيه سوى المشبه، ثم أثبت لها لازم النيِّر، وهو الطلوع من الأفق، وهي استعارة تخييلية.

  وقوله: «أبهر طلوع»، معناه أقواه وأغلبه وأشده إضاءةً من قولهم: بهر القمر إذا أضاء حتى غلب ضوؤه الكواكب. وفيه إشارة إلى خلوص الشهادة من ظُلم الشكوك والوساوس. والله أعلم.

  (وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله المؤيد بالمعجز الباقي إلى يوم المعاد والرجوع). قد تقدم الاستدلال على كون التشهد في الخطب سنة مأثورة، وفضيلة مشهورة؛ والمراد بالتشهد الوارد في الحديث النبوي المتقدم - والذي توارثه المسلمون خَلَفًا عن سلف، وهو أحد أركان الإسلام الذي بني عليها، كما نص عليه النبي ÷ بقوله: «بني الإسلام على خمسة أركان ...» الخبر⁣(⁣١). [هو مجموع]⁣(⁣٢) الشهادتين فحكمهما


(١) البخاري ١/ ١٢ رقم (٨)، كتاب الإيمان - باب وقول النبي ÷ بني الإسلام على خمس، ومسلم ١/ ٤٥ رقم (١٦)، كتاب الإيمان - باب أركان الإسلام ودعائمه العظام، والترمذي ٥/ ٧ رقم (٢٦٠٩) كتاب الإيمان - باب ما جاء بني الإسلام على خمس. وقال: هذا حديث حسن صحيح، وسنن النسائي، لأحمد بن شعيب النسائي، تحقيق: أبي غدة - دار البشارة الإسلامية - بيروت - ط ٢ (١٤٠٦ هـ/١٩٨٦ م) ٨/ ١٠٧ رقم (٥٠٠١)، وأحمد بن حنبل في المسند ٢/ ٢٥٦ رقم (٤٧٩٨) مسند عبد الله بن عمر، وصحيح ابن خزيمة، للإمام أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة السلمي النيسابوري (٢٢٣ - ٣١١ هـ) تحقيق: محمد مصطفى الأعظمي - المكتب الإسلامي - ط ٢ (١٤١٢ هـ/١٩٩٢ م) ١/ ١٥٩ رقم (٣٠٨)، كتاب الصلاة - باب إقام الصلاة من الإيمان، وصحيح ابن حبان ١/ ٣٧٤ رقم (١٥٨)، كتاب الإيمان - باب فرض الإيمان. ولفظة (أركان) سبق قلم.

(٢) في (ج): الذي هو مجموع.