تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

كتاب الجنائز

صفحة 616 - الجزء 2

  اضطر المعزي إلى الدعاء بغير ما يليق، كالدعاء بخير الآخرة لمن لا يستحقه جاز ذلك مع الصرف بالنية والتعريض، ففي التعاريض مندوحة⁣(⁣١)، كما ورد. قيل: والمشروع من التعزية مرة واحدة؛ لما ورد عن النبي ÷ أنه قال: «التعزية مرة». حكاه في الانتصار، والحكمة في ذلك كون في تكريرها تذكير بالمصيبة، وتجديد للحزن. فإن علم من حال المعزى خلاف ذلك فلا بأس بتكريرها⁣(⁣٢).

  قوله: (وهي بعد دفن الميت أفضل) وذلك لأن الحزن يعظم بالمفارقة⁣(⁣٣). وقال أبو حنيفة: بل قبل الدفن. وقيل: لا بأس بتقديم التعزية إذا كان ثمة غرض أبلغ، كجبر قلوب أهل الميت، حيث يكون في تأخير التعزية كسر⁣(⁣٤) لقلوبهم.

  ولا بأس بالتعزية قبل الدفن وبعده معا⁣(⁣٥)؛ إذا كان ذلك أشرح لصدورهم⁣(⁣٦)، وأطيب لنفوسهم، وإنما يكره تكرارها حيث يكون فيه تهييج للحزن كما تقدم، وحيث يحصل خلاف ذلك تزول كراهة⁣(⁣٧) التكرار، ويحسن، والله أعلم⁣(⁣٨).

  ويستحب أن يعم بالتعزية أهل الميت الكبار والصغار، الذكور والإناث، إلا الشواب⁣(⁣٩)، فلا يعزيهن غير محارمهن⁣(⁣١٠).

  ويكره التعزية بعد ثلاث لما سبق من كونها تكون سببًا لتجديد الحزن، إلا حيث يكون المعزي والمعزى له⁣(⁣١١) غائبا أو مريضا أو محبوسا⁣(⁣١٢)، فلا كراهة. قيل: إلى شهر⁣(⁣١٣).


(١) صحيح البخاري ٥/ ٢٢٩٣، باب المعاريض مندوحة عن الكذب، والمعاريض: جمع معراض، من التعريض، وهو أن يقول كلاما يفهم منه شيء ويقصد به شيئا آخر. فتح الباري ١٠/ ٢٩٤. قلت: ومن أمثله المعاريض: إذا أكره على الكفر يقول: كفرت باللاهي؛ فهي مخرج له من الكفر بالله.

(٢) الانتصار ٤/ ٧٢٤.

(٣) الانتصار ٤/ ٧٢٤، وشرح الأزهار ١/ ٤٤٦.

(٤) في (ب): كسر قلوبهم، وفي (ج): كسرًا لقلوبهم.

(٥) وبه قال الشافعية. روضة الطالبين ص ٢٤٠.

(٦) في الأصل: لصدور وأطيب ..

(٧) في (ب): تزول الكراهة للتكرار.

(٨) الانتصار ٤/ ٧٢٤.

(٩) في (ج): لا الشواب.

(١٠) الانتصار ٤/ ٧٢٧، وروضة الطالبين ص ٢٤٠.

(١١) في (ج): والمعزى إليه.

(١٢) في (ب): غائبان أو مريضان أو محبوسان.

(١٣) الانتصار ٤/ ٧٢٩، والبحر الزخار ٢/ ١٣٤.