[شرح خطبة الأثمار]
  والرسول والنبي عند أكثر العدلية بمعنى واحد. وعرّفوه(١) بأنه البشر المتحمل للرسالة عن الله إلى الخلق من غير واسطة بشر، فالبشر الذي في أول الحد أخرج الملائكة، والذي في آخره أخرج العلماء.
  وذهب كثيرون إلى الفرق بين الرسول والنبي - منهم قاضي القضاة عبد الجبار بن أحمد(٢)، وجار الله الزمخشري(٣) - بأن الرسول: من بُعِثَ بكتاب وشريعة لم تعرف إلا من جهته. والنبي: من بعث لتقرير شريعة جاء بها غيره، أو لإحياء مندرسها كأكثر أنبياء بني إسرائيل بعد موسى # فإنهم مقررون لأحكام التوراة، ومجددون لمندرسها، وحينئذ لا يلزم في كل نبي أن يكون له شريعة جديدة، بل يجوز أن يكون مقررًا لشرعٍ سابقٍ.
  واحتجوا بظاهر قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ}(٤)، والعطف يقتضي التغاير(٥)، وبقوله #، وقد سئل عن الأنبياء فقال: «مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا». قيل: فكم الرسل منهم؟ فقال: «ثلاث مائة وثلاثة عشر»(٦).
  وقوله: «المؤيد» صفة له عليه الصلاة والسلام وعلى آله، وهو مُفَعَّلٌ من الأيد، وهو القوة؛ لأن الله ø قواه على القيام بما كلفه من تكاليف الرسالة بالمعجز: وهو الفعل الخارق للعادة، الدال على صدق دعوى المدعي للنبوة.
(١) في (ب، ج): وحدُّوه.
(٢) عبد الجبار بن أحمد أبو الحسن الهمذاني الأسد آبادي، قاضي القضاة المعتزلي (ت: ٤١٥)، كان شيخ المعتزلة في عصره، ولي القضاء بالري، ومات فيها، له تصانيف كثيرة، منها الأصول الخمسة، والمغني في أبواب التوحيد والعدل، ومتشابه القرآن وغيرها. انظر: الأعلام ٣/ ٢٧٣، ومعجم المؤلفين ٢/ ٤٦ رقم (٦٥٣١)، وطبقات المعتزلة ص ١١٢.
(٣) وهو قول القاسم بن إبراهيم، والهادي يحيى بن الحسين، وغيرهما. ينظر: شرح الأصول الخمسة، للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني، تأليف أحمد بن الحسين بن أبي هاشم الحسيني (مانكديم) - تحقيق: عبد الكريم عثمان - القاهرة - ط ٣ (١٤١٦ هـ/١٩٩٦ م) ص ٥٩٨، وعدة الأكياس ٢/ ١٨، والكشاف ٣/ ١٦٤.
(٤) سورة الحج: ٥٢.
(٥) ينظر: المراجع السابقة.
(٦) صحيح ابن حبان ٢/ ٧٦ رقم (٣٦١)، كتاب البر والإحسان - باب ما جاء في الطاعات وثوابها، وأحمد في المسند ٨/ ٣٠٢ رقم ٢٢٣٥١، مسند أبي أمامة الباهلي، وفيه: «ثلاث مائة وخمسة عشر»، وحلية الأولياء وطبقات الأصفياء، لأبي نعيم أحمد بن عبد الله الأصفهاني الشافعي (ت: ٤٣٠ هـ) - دار الكتب العلمية - بيروت - لبنان - ط ١ (١٤١٨/ ١٩٩٧ م). ١/ ١٦٧.