تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

[شرح خطبة الأثمار]

صفحة 128 - الجزء 1

  مجرى الدعاء، ليس فيها معنى التوقير والتعظيم، ثم قالوا: وقد قال الله تعالى: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا}⁣(⁣١) فكذلك يجب أن يكون الدعاء له مخالفًا لدعاء الناس بعضهم لبعض. انتهى⁣(⁣٢).

  قال مولانا نصره الله: وأما عطف «آله» عليه فإنه من تمام الصلاة عليه التي هي بمعنى الإجلال والتعظيم له، وطلب ذلك من الله سبحانه له، وإِنْ ذُكِرَ أحد من عظمائهم بالتنصيص عليه باسمه فهو لا يخرج عن كونه من تمام الصلاة عليه بذلك المعنى.

  وقد ذكر هذا المعنى المختص بالصلاة المطلوبة في حق النبي ÷ ابن حجر⁣(⁣٣) في «فتح الباري»⁣(⁣٤) وغيره.

  وأما أن الصلاة على آله معه من تمام الصلاة عليه، فهو مأخوذ من الأحاديث المشهورة في تعليم النبي ÷ للمكلفين كيف يصلون عليه، نحو حديث كعب بن عجرة، قلنا يا رسول الله قد علمنا السلام عليك، فكيف نصلي عليك؟ ... إلى آخر الحديث⁣(⁣٥)، ونحوه من الأحاديث المتواترة معنى.

  قلت: ومن أحسن الأحاديث التي أشار إليها الإمام أيده الله سندًا ومتنًا ما رواه القاضي عياض في كتابه الشفاء بإسناد متصل إلى زيد بن علي بن الحسين بن علي⁣(⁣٦)


(١) سورة النور: ٦٣.

(٢) الشفاء بتعريف حقوق المصطفى ٢/ ١٩١.

(٣) أحمد بن علي بن محمد بن محمد بن علي الشهاب أبو الفضل الكناني العسقلاني،. ولد سنة ٧٧٣ هـ، ونشأ بمصر يتيما في كنف أحد أوصيائه، وجد في الفنون حتى بلغ فيها الغاية، ولي قضاء مصر ثم اعتزل، له تصانيف كثيرة منها: فتح الباري بشرح صحيح البخاري، والدرر الكامنة في أعيان المئة الثامنة، ولسان الميزان، توفي في أواخر ذي الحجة سنة (٨٥٢ هـ). انظر: والبدر الطالع ١/ ٨٧، الأعلام ١/ ١٧٨.

(٤) فتح الباري ١١/ ١٥٦، كتاب الدعوات - باب الدعاء بالموت والحياة.

(٥) تمامه: فقال رسول الله ÷: «قولوا: اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته كما صليت على إبراهيم وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد» البخاري ٥/ ٢٣٣٨ رقم (٥٩٩٦)، كتاب الدعوات - باب الصلاة على النبي، ومسلم ١/ ٣٠٥ رقم (٤٠٦)، كتاب الصلاة - باب الصلاة على النبي بعد التشهد، وأبو داود ١/ ٥٩٨ رقم (٩٧٦)، كتاب الصلاة - باب الصلاة على النبي بعد التشهد، والنسائي ٣/ ٤٨ رقم (١٢٨٩)، كتاب السهو - باب التمجيد والصلاة على النبي ÷ في الصلاة، وسنن الدارمي ١/ ٣٠٩، كتاب الصلاة والطهارة - باب الصلاة على النبي ÷، للإمام عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي السمرقندي (ت: ٢٥٥ هـ) - دار الحديث - القاهرة - ط ١ (١٤٢٠ هـ/٢٠٠٠ م)، وصحيح ابن حبان ٣/ ١٩٣ رقم (٩١٢)، كتاب الرقائق - باب الأدعية المفسرة لقوله جل وعلا: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}.

(٦) زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، حليف القرآن، ولد بالمدينة سنة ٧٥ هـ على الأصح، ونشأ بها، ورضع =