[شرح خطبة الأثمار]
  يقدر عليه، وفلان لا يمكنه النهوض أي لا يقدر عليه. وفي ذكر الإحسانين والإمكانين نوع من الترقي من الشيء إلى ما هو أبلغ منه في المعنى المقصود، وإن كان دونه بالنظر إلى غير المعنى المقصود، كما في هذا الموضع.
  قوله أيده الله: (لا سيما من كان مستغرق الجنان والأركان بأركان الجهادين الأكبر والأصغر الجزئية والكلية في كل زمان ومكان).
  «لا سيما»: ليست من كلمات الاستثناء حقيقة، وإنما عَدَّهَا بعضهم من كلماته؛ لما كان ما بعدها [مُخرجًا عما قبلها](١) من حيث أولويته بالحكم المتقدم.
  «ولا» هي التي لنفي الجنس، دخلت على «سي» - التي بمعنى مثل، وتثنيته سيان - [اسمها منصوب](٢)، وخبرها محذوف، فإن جُرَّ ما بعدها فبإضافة سي إليه، و «ما» زائدة، وإن رفعت ما بعدها فعلى أن «ما» موصولة، والمرفوع خبر مبتدأ محذوف، أي لا مثل الذي هو كذا، وإن نصبت ما بعدها فعلى أن «ما» موصولة، والمرفوع خبر مبتدأ محذوف أي لا مثل الذي هو كذا، وإن نصب ما بعدها فعلى أن «ما» نكرة غير موصوفة، ونصبه بإضمار أعني أو نحوه، وروي بيت امرئ القيس:
  وَلاَ سِيَّما يومٍ بِدَارةِ جُلْجُل(٣)
  بالأوجه الثلاثة(٤)، وقد تصرفت العرب في هذه اللفظة تصرفات كثيرة؛ لكثرة استعمالها فقالوا: سيما زيد بحذف لا، ولا سيما بتخفيف الياء مع وجود «لا» وحذفها، ولا سيما بزيادة الواو قبل «لا» إلى غير ذلك.
  ولفظه «كان» [في](٥) كلام الإمام بمعنى لم يزل. والجنان: القلب، والأركان: الجوارح، وأركان الجهادين: مهمات أمورهما(٦). وأراد بالجهاد الأكبر: جهاد النفس،
(١) في (ش): مخالفًا لما قبلها.
(٢) في (ش): وهو اسمها منصوب.
(٣) وصدره:
لا رُبَّ يومٍ صالح لك منهما
ينظر: شرح المعلقات العشر وأخبار شعرائها، للشيخ محمد الأمين الشنقيطي - دار إحياء التراث العربي - ط ١ (١٤٢٣ - هـ/ ٢٠٠٢ م) ص ١٩.
(٤) ينظر خزانة الأدب ٣/ ٤.
(٥) في (ب، ج): من.
(٦) في (ش) زيادة: مهمات أمورهما التي يبنيان عليها.