تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

[شرح مقدمة الأثمار]

صفحة 168 - الجزء 1

  كان عليه من التزام قول غيره تقليدًا كما تقدم. قيل: وكذا لو لم يصر مجتهدًا في ذلك الحكم بل صار من أهل الترجيح والنظر والاطلاع على المآخذ [فرجح عنده [خلاف]⁣(⁣١) ما كان ملتزمًا له بدليله، فإنه يجوز له الانتقال حينئذ، ويحتمل الوجوب والله أعلم]⁣(⁣٢).

  قوله: (ولو في مسألة فالاجتهاد يتبعض) أي ولو لم يكن الذي رجحه واجتهد فيه إلاَّ مسألة واحدة فإنه يجب عليه الانتقال فيها إلى ما أداه إليه اجتهاده؛ وذلك لأن الاجتهاد يتبعض على الأصح⁣(⁣٣)، أي يصح أن يكون مستكملا لآلة الاجتهاد في فن دون فن، وفي مسألة دون مسألة؛ إذ لا مانع من ذلك. ولا يقال: إنه يجوز أن يكون فيما لم يعلمه ما يتعلق بذلك الحكم؛ لأنا نقول: هذا خلاف المفروض؛ لأنا إنما أجزنا له ذلك فيما لا يجوز فيه جهله بشيء مما يتعلق بذلك الحكم. ثم لما كان ثمة وجه آخر⁣(⁣٤) مجوز للانتقال بعد الالتزام - عطفه عليه المؤلف أيده الله تعالى بقوله: (أو لنحو انكشاف نقصان الأول) وذلك أن ينكشف له أن إمامه الأول ليس بمجتهد أو ليس بعدل. وأراد بنحو انكشاف النقصان أن يحدث من العالم ما يمنع من العمل بقوله، أو يظهر للملتزم أن غيره أعلم منه أو أورع، وكأن المؤلف أيده الله رجح وجوب الانتقال إلى تقليد الأعلم أو الأفضل، خلاف ما في مقدمة الأزهار من أن فيه ترددا⁣(⁣٥) والله أعلم⁣(⁣٦).

  قوله أيده الله: (فيجب الانتقال فيما تعقبهما غالبًا) أي يجب على الملتزم بعد حصول الترجيح له من قبل نفسه، أو بعد انكشاف نقصان إمامه الأول أو نحوه أن ينتقل عن تقليده ويرفض أقواله⁣(⁣٧) فيما عرض له بعد حصول الترجيح والنقص المذكورين، ويعمل في صورة الترجيح باجتهاد نفسه، وفي صورة النقصان ونحوه بقول مجتهد غير


(١) ما بين المعقوفتين من (ش).

(٢) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب، ج).

(٣) قال بتجزؤ الاجتهاد المؤيد بالله، والمنصور بالله، والداعي، وعلي بن الحسين، والغزالي، والرازي، وغيرهم. ينظر: الفصول اللؤلؤية ص ٣٧٤، ورفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب ٤/ ٥٣١.

(٤) في (ج): ثم وجه آخر.

(٥) في (الأصل): تردد.

(٦) ينظر: شرح الأزهار ١/ ٢٠، ولفظه: أو لانكشاف نقصان العالم الأول الذي قد عمل بقوله عن درجة الاجتهاد، أو كمال العدالة فإن ذلك يجوز الخروج عن تقليده بل يوجبه، فأما الانتقال عن مذهب المجتهد العدل إلى مذهب أعلم من الأول أو أفضل منه ففيه تردد يحتمل الجواز ...

(٧) في (ج): قوله.