تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

[شرح مقدمة الأثمار]

صفحة 170 - الجزء 1

  أحدهما: مالم يفعله وعليه قضاؤه نحو أن يسافر بريدًا وهو يرى وجوب القصر فيه ثم تغير اجتهاده - بعد خروج وقت الصلاة وقبل فعلها - إلى أن ذلك لا يوجب القصر.

  والثانية: فيما فعله وله ثمرة مستدامة، نحو أن يطلق زوجته ثلاثًا من دون تخلل رجعة، وهو يرى أن الطلاق لا يتبع الطلاق، فراجعها ثم تغير اجتهاده إلى أن الطلاق يتبع الطلاق، ونحو أن يتزوج من دون شهود، أو بشهود فسقة، أو من دون ولي وهو يرى صحة ذلك، ثم تغير اجتهاده إلى عدم صحته، فإنه يجب عليه في جميع هذه الصور أن يعمل بالاجتهاد الأول، فيقضي قصرًا في الصورة الأولى، ولا تحرم عليه زوجته

  في صورتي الطلاق والنكاح. وهذا قول أبي طالب⁣(⁣١) وأحد قولي المؤيد⁣(⁣٢) والمنصور. واختاره ابن الحاجب⁣(⁣٣).

  قال الإمام المهدي: وهو القوي عندنا. واختاره المؤلف أيضا؛ لظهور مثله عن الصحابة، فإنهم كانوا يرجعون عن اجتهاد إلى اجتهاد في كثير من المسائل، كرجوع علي عن عدم جواز بيع أمهات الأولاد، ورجوع عمر عن قوله في دية الأصابع، وغير ذلك، ومثله عن كثير من العلماء، ولم يؤثر عن أحد منهم أنه نقض ما أبرمه بالاجتهاد الأول. والله أعلم.


(١) هو الإمام الناطق بالحق يحيى بن الحسين الهاروني، مولده سنة ٣٤٠ هـ، كان عالما فاضلا ورعا، ومن أئمة أهل البيت المشاهير، لم يبق فن إلا طار في أرجائه، وسبح في أفنائه. قال ابن حجر في لسان الميزان: كان إماما على مذهب زيد بن علي وكان فاضلا غزير العلم مكثرا، عارفا بالأدب وطريقة الحديث، وقال ابن طاهر: كان من أمثل أهل البيت المحمودين في صناعة الحديث، بويع له سنة ٤١١ هـ، وله في أصول الدين شرح البالغ المدرك، وتيسير المطالب، والمبادئ، وزيادات شرح الأصول، وله كتاب الدعامة في الإمامة طبع بعنوان «نصرة مذاهب الزيدية» ومنسوب إلى الصاحب بن عباد، وله في أصول الفقه جوامع الأدلة. وله المجزي في أصول الفقه مجلدان، وله في فقه الهادي # التحرير وشرحه مجلدات عدة تبلغ ستة عشر مجلدا، توفي سنة ٤٢٤ هـ، بالديلم. أنظر الحدائق الوردية ٢/ ١٦٥. ولسان الميزان ٦/ ٢٤٨، والأعلام للزركلي ٨/ ١٤١، ومعجم المؤلفين لعمر كحالة ٤/ ٩٢، وأعلام المؤلفين الزيدية ص ١١٢٠.

(٢) هو الإمام المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني، ولد سنة ٣٣٣ هـ، وهو بحر لا ينزف، وإمام في كل فن، حتى قيل: إنه في عِدْلَةٍ وأهل البيت في عِدْلَةٍ، وبويع له بالخلافة سنة ٣٨٠ هـ، وتوفي سنة ٤١١ هـ، وله مؤلفات منها: التجريد وشرحه، والإفادة، والهوسميات، والزيادات، والتفريعات، والتبصرة، والأمالي الصغرى، والنبؤات والبلغة، وسياسة المريدين. ينظر التحف ٢١١.

(٣) ينظر: مختصر منتهى السؤل والأمل في علمي الأصول والجدل، لأبي عمرو عثمان بن عمر بن أبي بكر المقري المالكي المعروف بابن الحاجب، تحقيق: نذير حمادو - دار ابن حزم - ط ١ (١٤٢٧ هـ/٢٠٠٦ م) ٢/ ١٢٣٠، وشرح الكوكب المنير ٤/ ٥١١، وشرح العضد ٢/ ٣٠٠، وبيان المختصر ٣/ ٣٢٧، والبرهان ٢/ ٨٧٦، والمعتمد ٢/ ٣٦٦.