فصل: [في حكم المقلد يأخذ مذهب إمامه الميت]
  ومنها: مفهوم الشرط كقوله تعالى: {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ}(١) فمفهومه أن غير أولات الحمل لا يجب الإنفاق عليهن إلاَّ بدليل آخر، وهو أقوى من مفهوم الصفة(٢).
  ومنها: مفهوم الغاية، كقوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}(٣) فمفهومها أنها إذا نكحت زوجًا غيره حلت له، وهو أقوى من الأولين(٤).
  ومفهوم العدد مثل: {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً}(٥) فمفهومها عدم جواز الزيادة عليها والنقصان منها(٦).
  ومنها: مفهوم «إنما»، نحو: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ}(٧) الآية. فمفهومها أنه لا حظ لغير الثمانية الأصناف المذكورة في الزكاة(٨).
  ومنها: مفهوم الاستثناء حيث لم يذكر المستثنى منه، نحو: ما جاء إلاَّ زيد، فمفهومه عدم مجيء غير زيد، وبعضهم يجعل هذه الثلاثة من قبيل المنطوق لا المفهوم. ومنها: مفهوم اللقب، كقولك: أكرم زيدًا، قيل: فيفهم منه النهي عن الإكرام لغيره، وهذا هو المراد بقوله: «الساقط منها»؛ إذ لم يقل به أحدٌ من حذاق العلماء(٩). والصحيح أن مفهومات المخالفة لا تزيد على هذه المذكورة إلا ما يرد إليها. وللأخذ بهذه المفاهيم شروط: ألا يظهر كون المسكوت عنه أولى بالحكم من المذكور أو مساويا له. وألا يكون الكلام خارجًا على الأغلب، كقوله تعالى: {اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ}(١٠). وألا يكون
= وإحكام الإحكام ٣/ ٦٧، وشرح الكوكب المنير ٣/ ٤٨٩، والدلالات وطرق الاستنباط ص ٢٥٧.
(١) سورة الطلاق: ٦.
(٢) ينظر: مختصر منتهى السؤل ٢/ ٩٤٢، والكاشف ص ٢٧٥، وشرح الغاية ص ٣٨٢.
(٣) سورة البقرة: ٢٣٠.
(٤) ينظر: مختصر منتهى السؤل لابن الحاجب ٢/ ٩٤٣، وشرح الكوكب المنير ٣/ ٥٠٦، وتيسير التحرير على كتاب التحرير الجامع بين اصطلاحي الحنفية والشافعية، لمحمد أمين، المعروف بأمير باد شاه (ت: ٩٧٢ هـ) - دار الفكر - بيروت - بدون تاريخ ١/ ١٠٠، والكاشف ص ٢٧٦، وشرح الغاية ٢/ ٣٨٣.
(٥) سورة النور: ٤.
(٦) مختصر منتهى ابن الحاجب ٢/ ٩٤٣، والكاشف ص ٢٧٦، والإحكام للآمدي ٣/ ٩٨، وشرح العضد على المختصر ٣/ ١٧٣، وتيسير التحرير ١/ ١٠٠.
(٧) سورة التوبة: ٦٠.
(٨) مختصر المنتهى ٢/ ٩٦٤، والكاشف ص ٢٧.
(٩) قال بمفهوم اللقب الدقاق. ينظر: مختصر المنتهى ٢/ ٩٦٣، والكاشف ص ٢٧٣، والبرهان للجويني ١/ ٣١١، والإحكام للآمدي ٣/ ٩٠.
(١٠) سورة النساء: ٢٣.