[شرح مقدمة الأثمار]
  جوابًا لسؤال سائل، كأن يسأل: هل في الغنم السائمة زكاة؟ فيقول: في الغنم السائمة زكاة. وألا يكون هناك تقدير جهالة من المتكلم لحكم المسكوت عنه، ولا نحو ذلك مما يقتضي تخصيص المذكور بالذكر، فإن ظهرت فائدة لذكر الصفة أو الشرط أو الغاية غير المفهوم لم يعمل به، وكذا إن عارضه منطوق من طريق معمول به. ومن الناس من لا يقول بمفهوم المخالفة مطلقا، كما هو مذهب الرازي، وبعضهم يخالف في بعضها على ما هو مذكور في مواضعه من كتب الأصول. والله الموفق(١).
  قوله أيده الله: (والقياس بأركانه وشروطها ونحوها غالبا) أي ويشترط فيمن يؤخذ عنه مذهب المجتهد أن يكون عارفًا بالقياس وبأركانه وشروطها عارفًا بنحو الأركان، إلاَّ ما استثناه بقوله: «غالباً»، وسيأتي تحقيق ذلك. أما القياس: فهو حمل معلوم على معلوم بإجراء حكمه عليه بجامع(٢).
  وأما أركانه فهي: الأصل، والفرع، والعلة، والحكم. فالأصل: هو المقيس عليه. والفرع: هو المقيس. والعلة: هي الوصف الجامع بينهما، والحكم: هو الذي توجبه تلك العلة، ولكل واحد من الأربعة الأركان المذكورة شروط.
  فشروط الأصل: منها: ألا يكون معدولاً به عن سَنَنِ القياس. وألا يكون ثابتا بقياس. وألا يكون دليل حكمه شاملاً لحكم الفرع.
  وأما شروط الفرع: فمنها: أن يكون مساوياً للأصل في العلة والحكم، وألا يخالفه في التغليظ والتخفيف، وأن تكون علة أصله عامة لأوصافه؛ لأنه ربما يعلل بأوصاف لا يسلم له الخصم وجودها في الفرع.
  فهذه المذكورة من شرائط الأصل والفرع كافية للمجتهد في المذهب، ولا يحتاج إلى معرفة غيرها من شروطهما ولا إلى معرفة شروط العلة والحكم مما هو مذكور في كتب الأصول، وإنما يحتاج(٣) إلى ذلك المجتهد الأكبر، وهي مما احترز المؤلف منه بقوله: «غالبا».
(١) ينظر: الكاشف ص ٢٧٩، ورفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب ٣/ ٥٠٠.
(٢) للقياس تعاريف كثيرة. ينظر: الكاشف لذوي العقول ص ١٥٩، وأصول الفقه، لشمس الدين محمد بن مفلح المقدسي، تحقيق: فهد بن محمد السدحان - مكتبة العبيكان - ط ١ (١٤٢٠ هـ/١٩٩٩ م) ٣/ ١١٨٩، والبرهان للجويني ٢/ ٧٤٥، والإحكام للآمدي ٣/ ١٨٩، وشرح الغاية ٢/ ٤٦٤.
(٣) في (ب، ج): وإن كان يحتاج.