[شرح مقدمة الأثمار]
  وقوله: «ونحوها»: يعني نحو الأركان، وأراد بذلك طرق العلة، وكيفية العمل عند تعارضها، ووجوه ترجيحها(١).
  والذي يحتاج إليه المجتهد في المذهب من طرق العلة ثلاثة(٢) وهي: النص، وتنبيه النص، والمُنَاسَبةُ.
  فالنص: ما أتي فيه بأحد الحروف الدالة على التعليل، نحو أن يقول: تجب في الوضوء النية؛ لأنه عبادة(٣).
  وأما تنبيه النص: فنحو قوله ÷ لمن قال: جامعتُ في نهار رمضان وأنا صائم: «عليك الكفارة»(٤) فإن فيه تنبيهًا على أن العلة في وجوب الكفارة هو الجماع المذكور، وصوره كثيرة(٥). وأما المناسبة: فهي ما يقضي الاعقل بأنها الباعث على الحكم، كقوله ÷: «كل مسكر حرام»(٦) فإنه يفهم من ذلك أن علة التحريم هو الإسكار؛ لما فيه من تغيير العقل، وإن كان الحكم في المثال المذكور - وهو التحريم - قد دل عليه العموم(٧).
  وأما كيفية معرفة(٨) العمل عند تعارض العلل؛ فلأن المجتهد قد يعلل الحكم بعلة، وربما وجد في بعض نصوصه ما يعارض تلك العلة، فلا يصح القياس إلاَّ بعد الترجيح إن أمكن وإلا كانتا كالقولين للمجتهد.
(١) الكاشف لذوي العقول ص ١٥٩، وأصول الفقه للمقدسي ٣/ ١١٨٩، والبرهان للجويني ٢/ ٧٤٥، والإحكام للآمدي ٣/ ١٨٩، وشرح الغاية ٢/ ٤٦٤.
(٢) في (ب، ج): ثلاث.
(٣) ينظر العضد على مختصر ابن الحاجب ٢/ ٢٣٤، والكاشف ص ١٨٨، ومختصر المنتهى ٢/ ٢٤٤، وشرح الغاية ٢/ ٩٥١، والبرهان ١/ ٤١٢، والردود والنقود ٢/ ٥٢٠، وشرح الكوكب المنير ٤/ ١١٧، والإحكام للآمدي ٣/ ٢٣٣.
(٤) ورد الحديث بألفاظ كثيرة، وممن أخرجه البخاري ٢/ ٦٨٤ رقم (٣٨٨٤)، كتاب الصوم - باب إذا جامع في رمضان ولم يكن له شيء فتصدق عليه، «فليكفر»، ومسلم في صحيحه ٢/ ٧٨١ رقم (١١١١).
(٥) الردود والنقود ٢/ ٥٢٣، والإحكام للآمدي ٣/ ٢٣٥، وبيان المختصر ٣/ ٩٢، وشرح الكوكب المنير ٤/ ١٢٥، والكاشف لذوي العقول ص ١٨٩.
(٦) صحيح البخاري ٤/ ١٥٧٩ رقم (٤٠٨٧)، كتاب المغازي - باب بعث أبي موسى ومعاذ بن جبل ® إلى اليمن قبل حجة الوداع.
(٧) ينظر في المسألة حاشية العضد ٢/ ٢٣٩، وبيان المختصر ٣/ ١١١، تيسير التحرير ٤/ ٤٣، شرح الكوكب المنير ٤/ ١٥٢.
(٨) في (ب، ج): وأما معرفة كيفية.