كتاب الطهارة
  المياه؛ إذ الماء أصل المطهرات، وبعضهم رجح تقديم التطهر(١) فقدم باب الوضوء؛ إذ هو أكثر ما يقع به التطهر(٢)، وقريبٌ منه تقديم(٣) باب الاستطابة(٤)؛ إذ هي من مقدمات الوضوء، وبعضهم قدم المتطهر منه وهي الأشياء النجسة كما في البحر، والأزهار، والأثمار، وغيرها؛ لأن الطهارة لا تكون إلا عن نجس أو حدث، فحسن تقديم ذكر النجاسة على ذكرها؛ لترتبها عليها(٥).
  الفائدة الثالثة: في الدليل على مشروعية الطهارة:
  أما من الكتاب: فقوله ø: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ}(٦).
  وقد افتتح المؤلف أيده الله تعالى(٧) بذكر الآية الكريمة للتبرك مع كونها أشهر ما يستدل به في هذا الباب.
  قال في الكشاف: أمر بأن تكون ثيابه طاهرة من النجاسات؛ لأن طهارة الثياب شرط في الصلاة، لا تصح إلا بها، وهي الأولى والأحب في غير الصلاة، وقبيح بالمؤمن الطيب أن يحمل خبثًا. [وقوله تعالى في معرض المدح: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ}(٨)، وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}(٩) (١٠).
(١) في (ش): التطهير.
(٢) قال في شرح الأزهار ١/ ٣٤: لما كانت الطهارة لا تكون إلا من حدث أو نجس حسن تقديم معرفة النجاسة على الطهارة، فإذا علمت النجاسة نظرت بماذا يكون طهورها، فهذا عذر تقديم النجاسة على الطهارة.
(٣) في (ش): وقريبًا منه من قدم.
(٤) الاستطابة: الطيب لغة: خلاف الخبث، يقال: شيء طيب أي طاهر نظيف. والاستطابة: مصدر استطاب، بمعنى رآه طيبًا، ومن معانيه الاستنجاء، ويجعلون الكلمتين مترادفتين. قال ابن قدامة في المغني: الاستطابة هي الاستنجاء بالماء أو بالأحجار، سمي استطابة؛ لأنه طيب جسده بإزالة الخبث عنها. انظر: الموسوعة ٣/ ٣٣٠، والعدة شرح عمدة الأحكام ١/ ٢٢٤، للعلامة محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني على إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام للعلامة ابن دقيق العيد - المطبعة السلفية - القاهرة - ت. ط (١٣٧٩ هـ).
(٥) انظر: شرح الأزهار ١/ ٣٤، وضوء النهار المشرق على صفحات الأزهار ١/ ٨٠.
(٦) سورة المدثر: ٤.
(٧) في (ب): وقد افتتح المؤلف # كتابه.
(٨) سورة التوبة: ١٠٨.
ما بين المعقوفتين من (ش).
(٩) سورة البقرة: ٢٢٢.
(١٠) انظر: الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل ٤/ ١٥٦، لأبي القاسم جار الله محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي (ت: ٥٣٨ هـ) - دار المعرفة - بيروت - لبنان - بدون.