باب النجاسات
  واستدل أهل المذهب على طهارة ذلك بنحو ما حكاه في أصول الأحكام والشفاء عن النبي ÷ أنه قال: «لا بأس بأبوال الإبل والبقر والغنم وكل شيء يحل أكل لحمه إذا أصاب ثوبك»(١) لفظ أصول الأحكام، وفيهما أيضًا مرفوع: «ما أكل لحمه فلا بأس ببوله»(٢)، وهو في التلخيص معزو إلى الدارقطني من حديث جابر، ومن حديث البراء بن عازب(٣) بلفظ: «لا بأس ببول ما أكل لحمه»(٤)، ثم قال: وإسناد كل منهما ضعيف جدا.
  قلت: وهذا التضعيف ونحوه من دون بيان سببه غير كافٍ عند أهل الحديث، وقد [استدل به علماء العترة مرسلا](٥) ومراسيل العدول عندهم مقبولة، وهذه قاعدة كلية فليُكتف(٦) بذكرها في هذا الموضع عن التنبيه عليها في غيره، والله الموفق(٧).
  و [من ذلك ما رواه](٨) في الشفاء عن عبد الله بن الحسن المثنى(٩) عن النبي ÷
(١) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، كتاب الطهارة - باب الخبر الذي ورد في سؤر ما يؤكل لحمه ١/ ٢٥٢، وأخرجه في شفاء الأوام، كتاب الطهارة - باب تعيين الأشياء النجسة وبيان كيفية الطهارة منها ١/ ١٣٩، وأخرجه في أصول الأحكام ١/ ١٥.
(٢) انظر: أصول الأحكام ١/ ١٥، وشفاء الأوم، كتاب الطهارة - باب تعيين الأشياء النجسة وبيان كيفية الطهارة منها ١/ ١٤٠، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى، كتاب الطهارة ١/ ٢٥٢، والدار قطني في سننه، كتاب الطهارة، باب نجاسة البول والأمر بالتنزه منه، والحكم في بول ما يؤكل لحمه ١/ ١٢٧ - ١٢٨ رقم (٣). قال: وهو ضعيف، ومصنف عبد الرزاق، كتاب الصلاة - باب أبوال الدواب وروثها ١/ ٣٧٨ رقم (١٤٨١)، وكنز العمال ٩/ ٣٦٨، باب ما يؤكل لحمه من الإكمال رقم (٢٦٥٠٥)، ونصب الراية ١/ ١٢٥، كتاب الطهارات، وقال: فيه أحمد كذاب يضع الحديث. وتلخيص الحبير ١/ ٤٣ رقم (٣٧)، ونيل الأوطار ١/ ٦٠.
(٣) البراء بن عازب: صحابي، استُصغر يوم بدر هو وابن عمر، وشهد أحداً وما بعدها، وبيعة الرضوان، وشهد مع أمير المؤمنين علي الجملَ وصفين والنهروان، توفي بالكوفة سنة ٩٠ هـ، خرّج له الستة. انظر: لوامع الأنوار ٣/ ٦٦٣، للعلامة مجد الدين بن محمد بن منصور المؤيدي - مكتبة التراث الإسلامي - اليمن - صعدة - ط ١ (١٤١٤ هـ/ ١٩٩٣ م)، والإصابة ١/ ١٤٦، والاستيعاب ١/ ٢٣٩، وأسد الغابة ١/ ٣٦٢.
(٤) تلخيص الحبير ١/ ٤٣ رقم (٣٧)، والدارقطني في سننه، كتاب الطهارة، باب نجاسة البول والأمر بالتنزه منه، والحكم في بول ما يؤكل لحمه ١/ ١٢٧ - ١٢٨ رقم (٣)، وقال: وهو ضعيف. وأخرجه الترمذي في سننه، كتاب أبواب الطهارة، باب ما جاء في بول ما يؤكل لحمه ص ٢١ رقم (٧٢)، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى ١/ ٢٥٢، كتاب الطهارة، باب الخبر الذي ورد في سؤر ما يؤكل لحمه، وقال في نصب الراية، كتاب الطهارات ١/ ١٢٤: وفيه مصعب متروك الحديث.
(٥) في (ش): وقد أرسله علماء أهل البيت.
(٦) في (ب): فلنكتف.
(٧) انظر: شرح الأزهار ١/ ٣٥.
(٨) ما بين المعقوفتين من (ش).
(٩) عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على بن أبي طالب الهاشمي القرشي، أبو محمد، من التابعين، ولد سنة ٧٠ هـ، ومات سجينا في سجن المنصور سنة ١٤٥ هـ، كان فصيحا مهيبا شريفا ذا منزلة عند عمر بن عبد العزيز |. انظر: الإصابة ٣/ ١٣٠، ١٣١ رقم (٦٥٩٥). والزركلي ٤/ ٧٨، وتاريخ بغداد ٩/ ٤٣١ رقم (٥٠٤٩).