تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

باب النجاسات

صفحة 215 - الجزء 1

  اصطلاحه في الأثمار، والكلام في هذا النوع يستدعي ذكر فوائد:

  الفائدة الأولى: في بيان ماهية الخمر

  قيل: هو في أصل اللغة: ما خامر العقل أي خالطه أو غطاه، وفي الاصطلاح - على رأي المتأخرين من أهل المذهب -: هو ما أسكر من عصير الشجرتين⁣(⁣١) دون ما اتخذ من يابسهما، وأن ذلك هو الذي نزل القرآن بتحريمه. وظاهر كلام الهادي أنه لا فرق بين أن يكون من الشجرتين أو من غيرهما، وإن اختلف حكم شاربه ومستحله⁣(⁣٢) كما سيأتي.

  وعن الغزالي⁣(⁣٣) وأبي الحسين البصري أن الخمر الذي ورد القرآن بتحريمه هو ما كان من العنب، وأما ما كان من الرطب فهو فضيخ، وأما ما كان من يابس الشجرتين فهو يسمى نبيذًا أو نقيعًا، وتسميته خمرًا مجاز⁣(⁣٤)، وسيأتي تفصيل الكلام على ذلك⁣(⁣٥) في كتاب الأشربة، إن شاء الله تعالى.

  الفائدة الثانية: في قسمة المسكرات.

  وهي لا تخلو إما أن يكون إسكارها⁣(⁣٦) بعلاج أو لا، والتي إسكارها بعلاج إما أن تكون من أخضر الشجرتين أو من يابسهما أو من غيرهما. أما التي من أخضر الشجرتين فلا خلاف في تحريمها. وأما نجاستها فقد قيل: إنه مجمع عليها⁣(⁣٧).

  وروي عن الحسن البصري، وربيعة بن أبي عبد الرحمن⁣(⁣٨)، وداود، وبعض


(١) الشجرتان هما: شجرة النخلة، والعنبة. انظر: سنن الترمذي - كتاب الأشربة - باب ما جاء في الحبوب التي يتخذ منها الخمر، ص ٤٢٩ رقم (١٨٧٥)، وصحيح مسلم، كتاب الأشربة - باب بيان جميع ما ينبذ مما يتخذ من النخل والعنب يسمى خمرا، ص ٨٨٧، رقم (١٩٨٥)، وشرح الأزهار ١/ ٣٧، وشفاء الأوام ٣/ ١٨٠. وانظر: المصباح المنير ص ١١١، مادة: خمر، ومختار الصحاح ص ١١٢، مادة: خمر، وشرح الأزهار ١/ ٣٧.

(٢) انظر: الهداية ٤/ ٣٩٣.

(٣) الغزالي: محمد بن محمد الغزالي الطوسي، أبو حامد، حجة الإسلام، الفقيه الشافعي، فيلسوف ومتصوف، ولد سنة ٤٥٠ هـ بالطابران، أشتغل مبدأ أمره في طوس، ثم رحل إلى نيسابور، ثم إلى بغداد فالحجاز فبلاد الشام فمصر، صنف الكتب المفيدة في عدة فنون، منها: إحياء علوم الدين، والوجيز، وغيرها، توفي يوم الاثنين ١٤/جمادى الأخرى/ سنة ٥٠٥ هـ وهو بالطابران. انظر: سير أعلام النبلاء ١٩/ ٣٢٢ - ٣٤٦ رقم (٢٠٤)، والوافي بالوفيات ١/ ٢٧٤ - ٢٧٧ رقم (٧٦).

(٤) انظر: البحر الزخار ٤/ ٣٤٩.

(٥) في (ب): تفصيل الكلام في ذلك.

(٦) في (ج): إسكارًا.

(٧) انظر: إرشاد الساري ١/ ٣٠٩، والبحر الزخار ٤/ ٣٩٦.

(٨) ربيعة بن أبي عبد الرحمن: واسمه فروخ القرشي التميمي المدني الفقيه المعروف بربيعة الرأي، يكنى أبا عثمان. وقيل: أبا عبد الرحمن، أدرك بعض الصحابة وأكبر التابعين، وكان صاحب الفتوى بالمدينة، وكان =