كتاب الطهارة
  المشمش ونحوهما، وقد فهم مما ذكر أن الأشياء المذكورة، وإن لم تكن مسكرة، فإنما يجوز استعمال القليل منها على جهة التداوي عند الضرورة إلى ذلك.
  وأما من اعتاد استعمال شيء منها لا لأجل ما ذكر فإنه يصير ساقط المروءة مجروح العدالة، مستحقًّا للتعزير.
  وأما مَا ثبت أنه مسكرٌ مطربٌ من الأشياء المذكورة فهو محرم اتفاقًا، نجسٌ على الصحيح(١). والله أعلم.
  الفائدة الثالثة: في الدليل على نجاسة المسكر وتحريمه
  أما من الكتاب: فقوله تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ}(٢).
  والرجس في عرف الشرع: النجس، والأمر باجتنابه يتناول جميع ملابساته.
  وقوله تعالى بعد ذلك: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ}(٣) فيه غاية الزجر والتهديد(٤).
  وأما من السنة: فنحو أمر النبي ÷ بإراقتها كما في حديث أبي سعيد الخدري(٥) قال: كان عندنا خمر(٦) ليتيم، فلما نزلت المائدة سألت رسول الله ÷؟ فقلت: إنه ليتيم، فقال: «أهرقه». أخرجه الترمذي(٧)، وسيأتي نحوه من حديث أنس(٨)، ولولا نجاستها لما أمر النبي ÷
(١) انظر: المراجع السابقة.
(٢) سورة المائدة: ٩٠.
(٣) سورة المائدة: ٩١.
(٤) انظر: فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية في علم التفسير ٢/ ٧٣، لمحمد بن علي الشوكاني - دار الفكر - بيروت - بدون، والكشاف ١/ ٣٦٢.
(٥) سعد بن مالك بن سنان أبو سعيد الخدري الإمام المجاهد في المدينة، شهد الخندق، وبيعة الرضوان، وحدث عن النبي ÷ فأكثر، وكان أحد الفقهاء المجتهدين، توفي سنة (٦٣ هـ)، وقيل: سنة (٧٤ هـ). انظر: سير أعلام النبلاء ٣/ ١٦٨ رقم (٢٨)، والإصابة ٢/ ٣٢ - ٣٣ رقم (٣١٩٦).
(٦) في (ب): خمرا، وهو خطأ، والصواب ما أُثبت.
(٧) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأشربة - باب نزول تحريم الخمر وهي من البر والتمر ص ١١٤٢ رقم ٥٥٨٣، وأخرجه الترمذي في سننه، كتاب أبواب البيوع - باب ما جاء في النهي للمسلم أن يدفع للذمي الخمر يبيعه له ص ٢٩٨ رقم (١٢٦٣)، وأخرجه أبو داود في سننه - كتاب الأشربة - باب ما جاء في الخمر تخلل ص ٦٢٣ رقم (٣٦٧٢)، وأخرجه أبو يعلى في مسنده ٢/ ٤٦٠ رقم (١٢٧٧).
(٨) أنس: هو أنس بن مالك بن النضر النجاري الخزرجي الأنصاري، أبو ثمامة، وأبو حمزة، صاحب رسول الله =