باب النجاسات
  وعن المرتضى أنه طاهر مما يؤكل(١)؛ لقوله ÷: «إنما يحرم من الميتة أكلها»(٢) ونحوه. قلنا: الظاهر عدم الفرق؛ لما تقدم.
  وأما ما لا دم له سائل فالمذهب أن ميتته طاهرة(٣)؛ لنحو حديث أبي هريرة أن رسول الله ÷ قال: «إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فامقلوه - يقول: اغمسوه». أخرجه البخاري وأبو داود(٤) واللفظ له.
  وأخرج النسائي نحوه من حديث أبي سعيد. الحديث(٥). ولا شك أن غمس الذباب قد يهلكه في الأغلب، فلو كان ينجس ما يموت فيه؛ لما أمر النبي ÷ بغمسه. وغير الذباب مما لا دم له مقيس عليه.
  وقيل: إنما يقاس عليه ما يشاركه في عموم البلوى، وتعذر الاحتراز(٦).
  وعن الشافعي أنه نجس مطلقًا(٧) لعموم {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ}(٨). ونحوها. لكنه معفو عنه؛ لعموم البلوى به(٩)، فلا ينجس ما وقع فيه من الماء وغيره ما لم يتغير به أحد أوصاف الماء(١٠). وحديث الذباب ونحوه دليل العفو لا الطهارة.
  قلنا: خلاف الظاهر.
(١) انظر: البحر الزخار ١/ ١٤، والبيان الشافي ١/ ٤١.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الذبائح والصيد - باب جلود الميتة ص ١١٣٣ رقم (٥٥٣١)، وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الحيض - باب طهارة جلود الميتة بالدباغ ص ١٩١ رقم (٣٦٣)، وأخرجه الدارقطني في سننه، كتاب الطهارة - باب الدباغ ١/ ٤٣ رقم (٥).
(٣) انظر: البيان الشافي ١/ ٤٤.
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الطب - باب إذا وقع الذباب في الإناء ص ١١٧٤ رقم (٥٧٨٢)، وأبو داود في سننه، كتاب الأطعمة - باب في الذباب يقع في الطعام ص ٦٤٧ رقم (٣٨٤٠)، والنسائي في سننه، كتاب الفرع والعتيرة - باب الذباب يقع في الإناء ص ٧٢٥ رقم (٤٢٧٣)، وابن ماجة في سننه - كتاب الطب - باب يقع الذباب في الإناء ص ٥٣١ رقم (٣٥٠٤)، وأحمد في مسنده ٢/ ٣٠ رقم (٧٥٦٢).
(٥) قوله: الحديث: سقط من الأصل.
(٦) انظر: شرح الأزهار ١/ ٣٩.
(٧) انظر: المهذب ١/ ١٧٠، وروضة الطالبين ص ٩.
(٨) سورة المائدة: ٣.
(٩) قوله: به سقط من (ب، ج).
(١٠) في (ب، ج): أحد أوصافه.